قوله تعالى: ﴿أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾: أن يعذِّبهم فرعونُ، وهو بدلٌ منهُ، أو مفعولُ: ﴿خَوْفٍ﴾، وعلى الوجهِ الأولِ إفرادُه بالضمير يحتاجُ إلى التأويلِ بأن يُقالَ: الخوف من الملأ كان بسببه.
وإنما قالَ: ﴿عَلَى خَوْفٍ﴾ للدلالةِ على شدَّةِ خوفِهم، ولا يفيدُ (مع) ما أفاده (على)؛ لأن المصحوبَ ليس كالمركوب.
﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ﴾: لغالبٌ قاهر فيها، استئنافٌ لبيان السببِ في كون أولئك المؤمنين خائفينَ، فالمناسبُ أن يكون المرادُ من الإسرافِ في قوله:
﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾: تجاوزُه عن الحدِّ المعتادِ في التعذيب والقتل لمن يخالفُه في أمرٍ من الأمور (١).
﴿وَقَالَ مُوسَى﴾ لمَّا رأى تخوُّفَ المؤمنين منه: ﴿يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ﴾: صدَّقتم به تعالى وبآياتِه، وفي إيراد ﴿إِن﴾ إيماءٌ إلى أن حالهم ليسَت حالَ المصدِّقِ باللهِ، الصادقِ في الإيمان، الواثقِ به تعالى.
﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾: فخصِّصوه بالتفويضِ إليه، أو: ثقوا به (٢) في العصمةِ من فرعونَ، ثم شرَطَ في حصولِ التوكُّل وصحته (٣) الإسلامَ بقوله:
﴿إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾: كما شَرطَ في وجوبه الإيمانَ؛ لأن من قضية الإيمانِ
(١) في هامش (ف): "ومن حمله على الإسراف في الكفر فقد أبعد، منه". (٢) "أو ثقوا به"، وقع في (ك) بدلا منه: "والتوبة". (٣) في (ك) و (م): "وصحة"، والمثبت من (ف) وهو الصواب.