للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾؛ أي: هو الذي أَوجَد الأشياء وصرَّفها بإرادته كيف يشاءُ، جملةٌ اعتراضية مبيِّنة لِمَا ذكر من التوحيد كالمقصود منه، ولذلك صدَّرها بحرف التنبيه، وقدَّم فيها الظرف للتخصيص؛ إيذاناً بأن أهم الأشياء اعتقادُ التوحيد في الخَلق والتدبير.

﴿تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: فذلك هو الربُّ للجميع لا ربَّ سواه، فلْيَجِبْ تعظيمه، اعتراضٌ آخر لبيان تعظيمه بالوحدانية في الألوهيَّة والربوبية للكل؛ أي: تعاظَمَ الواحد الموجِدُ للكلِّ المتصرِّف فيه بالربوبية (١).

وتوجيهُه: أن الكفرة كانوا متَّخذينَ أرباباً، فدعاهم إلى التوحيد بالحكمة والحجة، وصدَّر الآية بـ ﴿إِنَّ﴾ لإنكارهم، فقال: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ﴾ المستحِقَّ للربوبية ليس إلا واحدًا وهو ﴿اللَّهُ﴾ الموجِدُ للكل على الترتيب المحكَم المتقَن الدالِّ على العلم والحكمة والقدرة، الذي أنشأ ملكَه على ما يشاهَدُ (٢) ثم عمَد إلى تدبيره كالملِك المتمكِّن في مملكته لتدبير ملكه، فصرَّف الدهر على ما يُرى (٣) من تصريف الملَوَينِ، وسخَّر الإجرام السماوية بأمره، ونفَّذ أمره بقضائه وقدره، ثم صرَّح بما هو فذلكةُ التقرير في بيان التوحيد بالجملة الاعتراضية الأولى، وأفصح عن المقصود من التركيب كالنتيجة بالجملة الاعتراضية الثانية، ثم أمرهم بتخصيصه بالعيادة والدعوة متضرِّعين متذلِّلين ذوي خِيفةٍ (٤) بقوله:


(١) "بالربوبية" ليست في (ف).
(٢) في (ف) و (م): "نشاهد".
(٣) في (ك): "نرى".
(٤) في (ف): "حقيقة".