بالرحمة، وأتى ببناء المبالغة وعَلَمَي التأكيد (إنَّ) واللام؛ تنبيهاً على أنه تعالى غفورٌ بالذَّات معاقِبٌ بالعَرَض، كثيرُ الرَّحمة مبالغ فيها، قليلُ العقوبة مسامحٌ فيها؛ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ١٤]؛ أي: استخلافُكم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلافُ مَن يختبر، ولا يلزم مِنْ هذا أن يكون الخطاب للمؤمنين خاصَّة.
وكلُّ مَن جاء بعدَ ما مضى فهو خليفتُه، والجمع: الخلائف، جاؤوا به على الأصل، مثل: كريمة وكرائم، وقالوا أيضاً: خلفاء، من أجل أنه لا يقع إلَّا على مذكَّرٍ (١)، وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء، مثل ظريف وظرفاء؛ لأن (فعيلة) بالهاء لا يجمع على (فعلاء)، واللهُ أعلمُ بالصَّواب (٢).
* * *
(١) في (ف): "لا يقع إلا مذكراً"، وفي (ح): "لا يقع إلا مذكر". (٢) هنا تنتهي النسخة الخطية لمكتبة الحرم المكي والمرموز لها بـ (ح).