لَكِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ. وَهَذَا لَوْ كَانَ حَقًّا لَمْ يُفِدْهُمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَطْلُبِ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ وَلَا بَايَعَهُ (١) أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَاطِلًا؟ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " بَايَعَهُ الْأَقَلُّونَ " كَذِبٌ عَلَى الصَّحَابَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُبَايِعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَعَلِيٍّ فِي (٢) عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُمْكِنُ أَحَدٌ (٣) أَنَّ يَدَّعِيَ هَذَا، وَلَكِنْ غَايَةَ مَا يَقُولُ الْقَائِلُ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَخْتَارُ مُبَايَعَتَهُ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَوَلَّى، كَانَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَخْتَارُ وِلَايَةَ مُعَاوِيَةَ وَوِلَايَةَ غَيْرِهِمَا (٤) ، وَلَمَّا بُويِعَ عُثْمَانُ كَانَ فِي نُفُوسِ بَعْضِ النَّاسِ مَيْلٌ إِلَى غَيْرِهِ، فَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْلُو مِنَ الْوُجُودِ (٥) ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ وَبِهَا وَمَا حَوْلَهَا مُنَافِقُونَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ١٠١] . وَقَدْ قَالَ (٦) تَعَالَى عَنِ الْمُشْرِكِينَ: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: ٣١] ، فَأَحَبُّوا أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ (٧) عَلَى مَنْ يُعَظِّمُونَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، قَالَ تَعَالَى:
(١) أ، ب: تَابَعَهُ.(٢) أ، ب: عَلِيًّا.(٣) ب: أَحَدٌ(٤) ن، م: يَخْتَارُ وِلَايَةَ مُعَاوِيَةَ أَوْ غَيْرَهُمَا.(٥) ن: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْلُو مِنْهُ الْوُجُودُ ; م: وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْهُ الْوُجُودُ.(٦) ن، م: وَقَالَ.(٧) ن، م: أَنْ يُنَّزِلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute