مَا يَفْعَلُهُ مِنْ (١) مُحَارَبَتِهِمْ: وَاثَارَاتِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ! كَمَا يَفْعَلُونَهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يُقَدِّرُونَ فِيهَا صُورَةَ عُمَرَ مِنَ الْجِبْسِ أَوْ غَيْرِهِ.
وَأَبُو لُؤْلُؤَةَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَانَ مَجُوسِيًّا مِنْ عُبَّادِ النِّيرَانِ، وَكَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ يَصْنَعُ الْأَرْحَاءَ (٢) ، وَعَلَيْهِ خَرَاجٌ لِلْمُغِيرَةِ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمٍ، وَكَانَ قَدْ رَأَى مَا عَمِلَهُ الْمُسْلِمُونَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَإِذَا رَأَى سَبْيَهُمْ يُقْدِمُ إِلَى (٣) الْمَدِينَةِ، يَبْقَى (٤) فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ عُمَرَ أَنْ يُكَلِّمَ مَوْلَاهُ فِي خَرَاجِهِ، فَتَوَقَّفَ عُمَرُ، وَكَانَ مِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَقَتَلَ عُمَرَ بُغْضًا فِي الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَحُبًّا لِلْمَجُوسِ، وَانْتِقَامًا لِلْكُفَّارِ، لِمَا فَعَلَ بِهِمْ عُمَرُ حِينَ فَتَحَ بِلَادَهُمْ، وَقَتَلَ رُؤَسَاءَهُمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ.
كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَيْثُ يَقُولُ: " «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» " (٥) وَعُمَرُ هُوَ الَّذِي أَنْفَقَ كُنُوزَهُمَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ
(١) ن: عَنْ.(٢) فِي اللِّسَانِ: الرَّحَى مَعْرُوفَةٌ الَّتِي يُطْحَنُ بِهَا، وَالْجَمْعُ أَرْحٍ، وَأَرْحَاءٌ، وَرُحِيٌّ، وَرِحِيٌّ، وَأَرْحِيَةٌ، الْأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ(٣) إِلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .(٤) ب: بَقِيَ(٥) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْبُخَارِيِّ ٨/١٢٩ (كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابِ كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مُسْلِمٍ ٤/٢٢٣٦ ٢٢٣٧ (كِتَابِ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابِ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامِ ٧١٨٤، ٧٢٦٦، ٧٤٧٢، ٧٦٦٤ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٥/٩٢ - ٩٩ وَالْحَدِيثُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٣/٣٣٧ (كِتَابِ الْفِتَنِ، بَابِ مَا جَاءَ إِذَا ذَهَبَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute