شَامِلٌ لَهُمْ كُلَّهُمْ، فَلَيْسَ فِيهِمْ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ.
وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ إِنَّمَا ابْتَدَعَهُ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ، مُرَادُهُمْ إِفْسَادُ (١) دِينِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ رَأَيْتُ كَثِيرًا مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي يَنْقُلُونَ فِيهَا مَذَاهِبَ النَّاسِ، وَرَأَيْتُ أَقْوَالَ أُولَئِكَ (٢) ، فَرَأَيْتُ فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا.
وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاقِلِينَ لَيْسَ قَصْدُهُ الْكَذِبَ، لَكِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِحَقِيقَةِ أَقْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نَقْلِ أَلْفَاظِهِمْ وَسَائِرِ مَا بِهِ يُعْرَفُ مُرَادُهُمْ قَدْ يَتَعَسَّرُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَيَتَعَذَّرُ عَلَى بَعْضِهِمْ.
ثُمَّ إِنَّ غَالِبَ كُتُبِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّاقِلِينَ لِلْمَقَالَاتِ، يَنْقُلُونَ فِي أُصُولِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ مِنَ الْمَقَالَاتِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ. وَنَفْسُ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَمَا يَقُولُهُ أَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْأَصْلِ الَّذِي حَكَوْا فِيهِ أَقْوَالَ النَّاسِ، لَا يَنْقُلُونَهُ، [لَا] (٣) تَعَمُّدًا مِنْهُمْ لِتَرْكِهِ، بَلْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ وَلَا سَمِعُوهُ، لِقِلَّةِ خِبْرَتِهِمْ بِنُصُوصِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ.
وَكِتَابُ " الْمَقَالَاتِ " لِلْأَشْعَرِيِّ أَجْمَعُ هَذِهِ الْكُتُبِ وَأَبْسُطُهَا، وَفِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَتَحْرِيرِهَا مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا. وَقَدْ نَقَلَ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ وَظَنَّهُ قَوْلَهُمْ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَقُولُ بِكُلِّ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ. وَجَاءَ بَعْدَهُ مِنْ أَتْبَاعِهِ - كَابْنِ فُورَكٍ (٤) - مَنْ لَمْ يُعْجِبْهُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ، فَنَقَصَ
(١) ب: فَسَادُ.(٢) ن، ب: أَقْوَالُ ذَلِكَ.(٣) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٤) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَصْبَهَانِيُّ، فَقِيهٌ شَافِعِيٌّ وَمُتَكَلِّمٌ أَشْعَرِيٌّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ٤٠٦، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ٤/١٢٧ - ١٣٥ تَبْيِينِ كَذِبِ الْمُفْتَرِي، ص ٢٣٢ - ٢٣٣ وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ ٣/٤٠٢، النُّجُومِ الزَّاهِرَةِ ٤/٢٤٠، الْأَعْلَامِ ٦/٣١٣، وَانْظُرْ مُقَدِّمَةَ كِتَابِ " مُشْكِلِ الْحَدِيثِ وَبَيَانِهِ " لِابْنِ فُورَكٍ، تَحْقِيقُ الْأُسْتَاذِ مُوسَى مُحَمَّدْ عَلِي ص ١٤ - ٢٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute