وَالْيَهُودُ (١) حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٌ أُحِلَّتْ لَهُمْ، فَهُمْ يُحَرِّمُونَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ مَا هُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْعِبَادِ، وَيَجْتَنِبُونَ الْأُمُورَ الطَّاهِرَاتِ (٢) مَعَ النَّجَاسَاتِ، فَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ لَا يَأْكُلُونَ مَعَهَا وَلَا يُجَالِسُونَهَا، فَهُمْ فِي آصَارٍ وَأَغْلَالٍ عُذِّبُوا بِهَا.
فَأُولَئِكَ (٣) يَتَنَاوَلُونَ الْخَبَائِثَ الْمُضِرَّةَ، مَعَ أَنَّ الرُّهْبَانَ يُحَرِّمُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ، فَيُحَرِّمُونَ الطَّيِّبَاتِ وَيُبَاشِرُونَ النَّجَاسَاتِ، وَهَؤُلَاءِ يُحَرِّمُونَ الطَّيِّبَاتِ النَّافِعَةَ، مَعَ أَنَّهُمْ مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ قُلُوبًا، وَأَفْسَدِهِمْ بَوَاطِنَ.
وَطَهَارَةُ الظَّاهِرِ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا طَهَارَةُ الْقَلْبِ، فَهُمْ يُطَهِّرُونَ ظَوَاهِرَهُمْ وَيُنَجِّسُونَ قُلُوبَهُمْ.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ مُتَوَسِّطُونَ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ. فَهُمْ فِي عَلِيٍّ وَسَطٌ بَيْنِ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ. وَكَذَلِكَ فِي عُثْمَانَ وَسَطٌ بَيْنَ الْمَرْوَانِيَّةِ وَبَيْنَ الزَّيْدِيَّةِ. وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَسَطٌ بَيْنَ الْغُلَاةِ فِيهِمْ وَالطَّاعِنِينَ عَلَيْهِمْ. وَهُمْ فِي الْوَعِيدِ وَسَطٌ بَيْنِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ. وَهُمْ فِي الْقَدَرِ وَسَطٌ بَيْنِ الْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَبَيْنَ الْقَدَرِيَّةِ الْمُجْبِرَةِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ. وَهُمْ فِي الصِّفَاتِ وَسَطٌ بَيْنِ الْمُعَطِّلَةِ وَبَيْنَ الْمُمَثِّلَةِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ سِوَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ الْمُتَّبِعِينَ آثَارَ
(١) ح، ر، ي، ب: فَالْيَهُودُ.(٢) ح، ب: الطَّاهِرَةَ.(٣) ب فَقَطْ: وَأُولَئِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute