ثُمَّ لَمَّا بَلَغَا رُفِعَ عَنْهُمَا [حَجْرُ] (١) الْحَضَانَةِ فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي يَدِ نَفْسِهِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأُمَّةَ تَحْفَظُهُمَا وَتَحْرُسُهُمَا، فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ وَاحِدٌ مِنَ الْأُمَّةِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُمَا الْآفَاتِ؟ .
وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمَنْعَ مِنْ أَذَاهُمَا بِالْعُدْوَانِ عَلَيْهِمَا، وَنَصْرَهُمَا مِمَّنْ يَبْغِي عَلَيْهِمَا. فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ لِمَنْ هُوَ دُونَهُمَا، [فَكَيْفَ] (٢) لَا يَجِبُ لَهُمَا؟ وَهَذَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَحَقُّهُمَا أَوْكَدُ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِمَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الشُّورَى: ٢٣] .
فَهَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ (٣) ; فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الشُّورَى، وَسُورَةُ [الشُّورَى] مَكِّيَّةٌ (٤) بِلَا رَيْبٍ نَزَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَبْلَ أَنْ يُولَدَ [لَهُ] (٥) الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ; فَإِنْ عَلِيًّا إِنَّمَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ (٦) بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا إِلَّا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ بَدْرٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْآيَةِ [الْكَرِيمَةِ] (٧) ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا بَيَّنَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مِنْ أَنَّهُ لَمْ
(١) حَجْرُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٢) فَكَيْفَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.(٣) ظَاهِرٌ: فِي (ن) فَقَطْ.(٤) ن، م، و: وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. .(٥) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .(٦) ن، م: بِفَاطِمَةَ.(٧) الْكَرِيمَةِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) . وَانْظُرْ مَا سَبَقَ ٤/٢٥ ٢٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute