أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، وَالْإِمَامُ إِذَا أَعْطَى أَحَدَ الْمُسْلِمِينَ (١) مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُقَالُ: إِنَّهُ أَعْطَاهُ مَالَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِعْطَاءَهُمْ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ أَصْلَ الْمَالِ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ (٢) .
نَعَمِ الْإِمَامُ يُقَسِّمُ الْمَالَ بِاجْتِهَادِهِ فِي التَّقْدِيرِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَسِّمُ الْمَالَ بِالْحَثَيَاتِ. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْلِ بِالْيَدِ. وَجَابِرٌ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَهُ بِثَلَاثِ حَثَيَاتٍ (٣) ، وَهَذَا أَمْرٌ مُعْتَادٌ مِثْلُهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا مَا عُهِدَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ، وَمَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ، فَأَعْطَاهُ حَثْيَةً، ثُمَّ نَظَرَ عَدَدَهَا فَأَعْطَاهُ بِقَدْرِهَا مَرَّتَيْنِ، تَحَرِّيًا لِمَا ظَنَّهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسْمِ، فَإِنَّ
(١) لَا يُعْطِي أَحَدًا ; ب: إِذَا أَعْطَى أَحَدًا.(٢) حَدِيثُ جَابِرٍ نَصُّهُ فِي: الْبُخَارِيِّ ٣/٩٦ (كِتَابُ الْكَفَالَةِ، بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا. .) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرِينِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ". فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرِينِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرِينِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا. فَحَثَى إِلَيَّ حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُفَصَّلًا وَفِيهِ قَوْلُ جَابِرٍ: " فَحَثَا لِي ثَلَاثًا " فِي الْبُخَارِيِّ ٤/٩٠ - ٩١ (كِتَابُ فَرْضِ الْخُمْسِ، بَابُ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمْسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ) ، ٤/٩٨ (كِتَابُ الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ، بَابُ مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْبَحْرِينِ. .) ; الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٣/٣١٠.(٣) وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute