ذَكَرَهُ مِنَ الْخُمُورِ وَالْفُجُورِ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ. وَالْحِكَايَاتُ الْمَنْقُولَةُ فِي ذَلِكَ فِيهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ فِيهِمُ الْعَدْلَ الزَّاهِدَ (١) كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْمَهْدِيِّ بِاللَّهِ (٢) ، وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لِهَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَبَنِي الْعَبَّاسِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ يُبْتَلَى بِبَعْضِ الذُّنُوبِ، وَقَدْ يَكُونُ تَابَ مِنْهَا، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ حَسَنَاتٌ كَثِيرَةٌ تَمْحُو تِلْكَ السَّيِّئَاتِ، وَقَدْ يُبْتَلَى بِمَصَائِبَ تُكَفِّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ (٣) . فَفِي الْجُمْلَةِ الْمُلُوكُ حَسَنَاتُهُمْ كِبَارٌ وَسَيِّئَاتُهُمْ كِبَارٌ (٤) ، وَالْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ذُنُوبٌ وَمَعَاصٍ لَا تَكُونُ لِآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَا لَيْسَ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَجِهَادِ الْعَدُوِّ وَإِيصَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْحُقُوقِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَمَنْعِ كَثِيرٍ مِنَ الظُّلْمِ وَإِقَامَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْعَدْلِ.
وَنَحْنُ لَا نَقُولُ: إِنَّهُمْ كَانُوا سَالِمِينَ مِنَ (* الْمَظَالِمِ وَالذُّنُوبِ، كَمَا لَا نَقُولُ: إِنَّ أَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا سَالِمِينَ مِنْ *) (٥) ذَلِكَ، لَكِنْ نَقُولُ: وُجُودُ الظُّلْمِ وَالْمَعَاصِي مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ (٦) وَعَامَّتِهِمْ، لَا يَمْنَعُ أَنْ يُشَارِكَ فِيمَا يَعْمَلُهُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ.
وَأَهْلُ السُّنَّةِ لَا يَأْمُرُونَ بِمُوَافَقَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ إِلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَا فِي
(١) أ، ن، م: الْعَدْلَ وَالزُّهْدَ، ب: الْعَدْلَ وَالزَّاهِدَ.(٢) أ، ب: وَالْمُهْتَدِي بِاللَّهِ.(٣) أ، ب: تُكَفِّرُهَا عَنْهُ.(٤) أ: حَسَنَاتُهُمْ كِثَارٌ وَسَيِّئَاتُهُمْ، ب: حَسَنَاتُهُمْ كَثِيرَةٌ وَسَيِّئَاتُهُمْ.(٥) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ر) .(٦) أ، ب: الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute