وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ يَدٍ وَسَيْفٍ، بِحَيْثُ يُطَاعُ طَوْعًا وَكَرْهًا لِكَوْنِهِ (١) قَادِرًا عَلَى إِلْزَامِ الْمُطِيعِ بِالطَّاعَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٥٩] قَدْ فُسِّرَ بِالْأُمَرَاءِ (٢) بِذَوِي الْقُدْرَةِ كَأُمَرَاءِ الْحَرْبِ، وَفُسِّرَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَكِلَاهُمَا حَقٌّ. وَهَذَانَ الْوَصْفَانِ كَانَا كَامِلَيْنِ فِي الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا كَامِلِينَ فِي الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَالسِّيَاسَةِ وَالسُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَكْمَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ أَكْمَلُ فِي ذَلِكَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَبَعْدَهُمْ لَمْ يَكْمُلْ أَحَدٌ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَّا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ [الرَّجُلُ] (٣) أَكْمَلَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِمَّنْ [يَكُونُ] (٤) لَهُ سُلْطَانٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَكْمَلَ فِي السُّلْطَانِ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَأَدْيَنُ.
وَهَؤُلَاءِ إِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهِمْ أَئِمَّةً أَنَّهُمْ ذَوُو سُلْطَانٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ (٥) ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَهُ. وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ يُطَاعُونَ مَعَ عَجْزِهِمْ عَنْ إِلْزَامِ غَيْرِهِمْ بِالطَّاعَةِ، فَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ كُلِّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ.
ثُمَّ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ كَانَ فِي أَعْصَارِهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَأَدْيَنُ، إِذِ
(١) لِكَوْنِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .(٢) أ: فُسِّرَ الْأَمْرُ، ب: فُسِّرَ أُولُو الْأَمْرِ.(٣) الرَّجُلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ،(٤) يَكُونُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .(٥) أ، ب:. . سُلْطَانٍ فَبَاطِلٌ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute