بِشَرْطٍ، فَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ مُطْلَقٌ لَا بِشَرْطٍ وَلَا مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، بَلْ إِنَّمَا فِيهِ الْمُعَيَّنُ الْمُخَصَّصُ، فَالَّذِي (١) يُقَدِّرُهُ الذِّهْنُ مُطْلَقًا لَا بِشَرْطِ التَّقْيِيدِ يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ بِشَرْطِ التَّقْيِيدِ.
وَهَؤُلَاءِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مَا فِي الْأَذْهَانِ بِمَا فِي الْأَعْيَانِ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا مِنْ غَلَطِ الْمَنْطِقِيِّينَ مَا هُوَ سَبَبُ الضَّلَالِ فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ كَاعْتِقَادِ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْعَقْلِ أُمُورًا مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.
[وَهَؤُلَاءِ الْمَنْطِقِيُّونَ الْإِلَهِيُّونَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا: إِنَّ الْكُلِّيَّاتِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَيُوجَدُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مَا يَظْهَرُ بِهِ خَطَأُ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ، فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ وَفَسَادِ الْفِطْرَةِ عَارِضٌ، فَقَلَّ مَنْ يُوجَدُ لَهُ (٢) كَلَامٌ فَاسِدٌ إِلَّا وَفِي كَلَامِهِ مَا يُبَيِّنُ فَسَادَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَيَظْهَرُ بِهِ تَنَاقُضُهُ.] (٣) .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى تَوْحِيدِ هَؤُلَاءِ (٤) الْفَلَاسِفَةِ. وَهَؤُلَاءِ أَصَابَهُمْ فِي لَفْظِ الْوَاجِبِ مَا أَصَابَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي لَفْظِ الْقَدِيمِ، فَقَالُوا: الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، كَمَا قَالَ أُولَئِكَ: لَا يَكُونُ الْقَدِيمُ إِلَّا وَاحِدًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ (٥) .
وَبِهَذَا وَغَيْرِهِ ظَهَرَ الزَّلَلُ فِي كَلَامِ مُتَأَخِّرِي الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ خَلَطُوا الْكَلَامَ
(١) ن، م: وَالَّذِي.(٢) أ: فِيهِ، ب: مِنْهُ.(٣) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)(٤) ن، م: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى هَؤُلَاءِ.(٥) بَعْدَ كَلِمَةِ " ثُبُوتِيَّةٌ " يُوجَدُ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) كَلَامٌ مُعَادٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute