وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ
مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ بِخِلَافِ هَذَا الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَقَدْ تَوَلَّى اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا حِفْظَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ حَتَّى يُغَيِّرَ فِيهِ أَوْ يُبَدِّلَ أَوْ يُحَرِّفَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، وَقَالَ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} ، وَقَالَ: {لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} . وَقَالَ فِي النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى} ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَذِنَ لِأُمَّتِهِ أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١) ، وَنَهَاهُمْ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ (٢) ، خَوْفَ أَنْ يُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ، أَوْ يُكَذِّبُوا بِحَقٍّ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا يُرْوَى عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْإِسْرَائِيلِيَّاتِ لَهُ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا يَجِبُ تَصْدِيقُهُ، وَهِيَ مَا إِذَا دَلَّ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَلَى صِدْقِهِ. وَفِي وَاحِدَةٍ يَجِبُ تَكْذِيبُهُ، وَهِيَ مَا إِذَا دَلَّ الْقُرْآنُ أَوِ السُّنَّةُ أَيْضًا عَلَى كَذِبِهِ. وَفِي الثَّالِثَةِ لَا يَجُوزُ التَّكْذِيبُ وَلَا التَّصْدِيقُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا: وَهِيَ مَا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ صِدْقُهُ وَلَا كَذِبُهُ. وَبِهَذَا
(١) - أخرج البُخَارِيّ من (٣/١٢٧٥) (٣٢٧٤) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا: " بلغُوا عني وَلَو آيَة وَحَدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج وَمن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ".(٢) - أخرج أَبُو دَاوُد (٢/٣٤٢) (٣٦٤٤) ، وَأحمد (٤/١٣٦) من حَدِيث أبي نملة الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا: " إِذا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تكذبوهم "، وَحسن إِسْنَاده الأرناؤوط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute