غَيْرِهِ قَدْ يَظُنُّ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا من أَخذ الْإِنْسَان بذنب غَيره؟
وَالْجَوَاب هُوَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ حَمَلُوهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالنَّوْحِ عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ فِي مُعَلَّقَتِهِ:
إِذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَابِنَّةَ مَعْبَدِ
لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَوْصَى بِأَنْ يُنَاحَ عَلَيْهِ: فَتَعْذِيبُهُ بِسَبَبِ إِيصَائِهِ بِالْمُنْكَرِ. وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ لَا فِعْلِ غَيْرِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَهْمِلَ نَهْيَهُمْ عَنِ النَّوْحِ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إِهْمَالَهُ نَهْيَهُمْ تَفْرِيطٌ مِنْهُ، وَمُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} فَتَعْذِيبُهُ إِذًا بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ، وَتَرْكِهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ من قَوْله: {مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} الْآيَة وَهَذَا ظَاهر كَمَا ترى.] (١) .
- زِيَارَة الْقُبُور.
وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [بَحَثَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَسْأَلَةَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ هُنَا لِحَدِيثِ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، أَلَا فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تزهِّد فِي الدُّنْيَا وتذكِّر فِي الْآخِرَةَ» (٢) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْمَنْعَ كَانَ عَامًّا مِنْ أَجْلِ ذِكْرِ مَآثِرِ الْآبَاءِ وَالْمَوْتَى، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَخَّصَ فِي الزِّيَارَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رُخِّصَ لَهُ، فَقيل: للرِّجَال دون
(١) - ٣/٤٢٨، بني إِسْرَائِيل / ١٥.(٢) - أخرجه ابْن مَاجَه (١/٥٠١) (١٥٧١) من حَدِيث ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - بِهِ، وَقَالَ البوصيري فِي الزَّوَائِد: إِسْنَاده حسن. وَأَيوب بن هَانِئ قَالَ ابْن معِين ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حَاتِم صَالح. وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات. والْحَدِيث ضعفه الشَّيْخ الألباني - رَحمَه الله - والْحَدِيث أخرجه مُسلم (٢/٦٧٢) (٩٧٧) من حَدِيث بُرَيْدَة - رَضِي الله عَنهُ - بِدُونِ الزِّيَادَة الْأَخِيرَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute