- من الشّرك إدعاء علم الْغَيْب، وتصديق الْكُهَّان بِمَا يَقُولُونَ.
ذكر الْعَلامَة الشنقيطي - رَحمَه الله - آيَات وعبارات اسْتدلَّ بهَا على أَن الرُّسُل وَالْمَلَائِكَة لَا يعلمُونَ الْغَيْب إِلَّا بِإِذن الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - ثمَّ قَالَ: [فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ أَعْلَمَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُمُ الرُّسُلُ، وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ تَعَالَى يُعَلِّمُ رُسُلَهُ مِنْ غَيْبِهِ مَا شَاءَ، كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ} ، وَقَوْلِهِ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} .
تَنْبِيهٌ
لَمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بِأَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ كَانَ جَمِيعُ الطُّرُقِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا التَّوَصُّلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ غَيْرِ الْوَحْيِ مِنَ الضَّلَالِ الْمُبِينِ، وَبَعْضٌ مِنْهَا يَكُونُ كُفْرًا.
وَلِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتى عرَّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شيءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» (١) ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَنْعِ الْعِيَافَةِ وَالْكِهَانَةِ وَالْعَرَافَةِ، وَالطَّرْقِ وَالزَّجْرِ، وَالنُّجُومِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْكِهَانَةِ، لِأَنَّهَا تَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ ادِّعَاءِ الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ.
وَقَدْ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكهَّان فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» (٢) .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا نَصُّهُ: فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَنْزِلُ الْغَيْثُ غَدًا. وَجَزَمَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَمَارَةٍ ادَّعَاهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ
(١) - أخرجه مُسلم (٤/١٧٥١) (٢٢٣٠) من حَدِيث عَن صَفِيَّة عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.(٢) - أخرجه البُخَارِيّ (٥/٢٢٩٤) (٥٨٥٩) ، وَمُسلم (٤/١٧٥٠) (٢٢٢٨) من حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute