تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِى فَطَرَنِى} ، وَكَقَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ} ، وَقَوله: {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} ؛ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أَيْ لَا نَطْلُبُ الْعَوْنَ إِلَّا مِنْكَ وَحْدَكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كُلُّهُ بِيَدِكَ وَحْدَكَ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْهُ مَعَكَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ. وَإِتْيَانُهُ بِقَوْلِهِ: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، بَعْدَ قَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَكَّلَ إِلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِيَدِهِ الْأَمْرُ. وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُشَارُ إِلَيْهِ هُنَا جَاءَ مُبَيَّنًا وَاضِحًا فِي آيَاتٍ أُخر كَقَوْلِه: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ، وَقَوْلِهِ: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ لَا اله إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} ، وَقَوْلِهِ: {رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} ، وَقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} ، وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ من الْآيَات] (١) .
- بعض الْأَدِلَّة على إِفْرَاده تَعَالَى بالألوهية (٢) :
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى كُلُواْ وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النُّهَى} ... وَقَدْ بَيَّنَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْ آيَاتِهِ الْكُبْرَى الدَّالَّةِ عَلَى أَنه المعبود وَحده. وَمَعَ كَونهَا من
(١) - ١/ ٣٤ - ٣٥، الْفَاتِحَة / ٥، وَانْظُر (٣/٣٧٣ - ٣٧٤) (بني إِسْرَائِيل / ٩) وَقد سبق نقل عِبَارَته فِي هَذَا الْمَوْضُوع فِي مُقَدّمَة بَاب تَوْحِيد الربوبية.(٢) - وَانْظُر أَيْضا مَا سننقله عَنهُ - رَحمَه الله - فِي الْمَسْأَلَة التالية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute