للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ ثكلتك أمك، بالثاء المثلثة أي فقدتك بكسر الكاف منم الثكل بضم المثلثة فقدان المرأة ولدها، وهذا من باب تَرِبَت يمينك ومما لا يُراد به حقيقة الدعاء على المخاطب يقال امرأة ثاكل وثكلى ورجل ثاكل وثكلان كأنه دعا عليه بالموت لسوء فعله.

وقوله: والموت يعم كل أحدا فإذا الدعاء عليه كلا دعاء أو أراد إذا كنت هكذا فالموت خير لك كيلا تزداد سوءا ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب. ولا يراد بها الدعاء كقولهم تربت يداك ومنه قصيد كعب بن زهير: قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ؛ جمع مثكال وهي المرأة التي فقدت ولدها كما تقدم، فحقيقته الدعاء بموته وليس المراد ذلك وإنما غلب في ألسنتهم للتحريض على الشيء والتهييج إليه ولاستقصاد المخاطب على أمر ونحو ذلك بحسب الحال وقرائنه، وكذلك تربت يداك وعقرى حلقي ولا أمّ لك ولا أبا لك ولا درّ درك وأشباه ذلك.

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لمعاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم الحديث، يكب بفتح الياء وضم الكاف أي يلقيهم في النار على وجوههم يقال كبه أي ألقاه على وجهه يكبه كبا فأكب هو أي سقط على وجهه ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)} (١)، قاله الأصبهاني. وهو استفهام إنكار أي ما يكب الناس إلا حصائد ألسنتهم وهو يقتضي أن كل من يكب في النار فسبب ذلك لسانه وهو عام


(١) سورة الملك، الآية: ٢٢.