أريد به الخاص فإن من الناس من يكب في النار بكلامه وبعضهم بعمله وإنما خرج هذا مخرج المبالغة في تعظيم الكلام كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- الحج عرفة والمراد معظمه الوقوف كذلك معظم أسباب النار الكلام كالكفر والقذف والسب والنميمة والغيبة ونحو ذلك ولأن الأعمال يقارنها الكلام غالبا فله حصة في سَبَبِيَّة الجزاء ثوابا وعقابا، وفي المثل يقول اللسان للقفا كل يوم كيف أصبحت فتقول بخير إن سلمت منك.
قول إلا حصائد ألسنتهم، الحصائد جمع حصيدة وهي الزرع المحصود، وكذلك الحصيد، وحصائد الألسنة ما تحصده الألسنة من الكلام أي ما نطقت به شبه اللسان بالمنجل والكلام بما يحصد من الزرع، قال اللَّه تعالى {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ}(١)، أي حُصِدوا بالسيف والموت حتى خمدوا وخمود الإنسان موتُه، والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرم وعقوباته فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يحصد يوم القيامة ما زرع خيرا من قول أو عمل حصد الكرامة ومن زرع شرا من قول أو عمل حصد غدا الندامة، والحصائد ما يقال في الناس باللسان ومن أراد استتماما لذلك فليقف على كتاب آفات اللسان من الإحياء للغزالي وغالب تعبير هذا الحديث من كلام الطوفي في شرح الأربعين النووية (٢).