ومِلاك الشيء هو مقصوده وقيل رابطه وضابطه لأن الجهاد وغيره من أعمال الطاعات غنية وكف اللسان عن المحارم سلامة والسلامة في نظر العقلاء مقدمة على الغنيمة.
قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- كُفَّ عليك هذا وأشار إلى لسانه إما أنه وضع على موضع عن أي كُفَّه عنك أو أنه ضمن كف معنى احبس أي احبس عليك لسانك لا يَرِد عليك بكلام موذي وفي الحكمة لسانك أسدك إن أطلقته فرسَك وإن أمسكته حرسك وتقدم ذلك.
فهذا يدل على أن كف اللسان وضبطه وحسبة هو أصل الخير كله وأنّ من ملك لسانه فقد ملك أمره وأحكمه وضبطه.
وقوله كف عليك هذا يحتمل أنه عام خص بالكلام بالخير لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فليقل خيرا أو ليصمت ويحتمل أنه من باب المطلق وقد عمل به في كف اللسان عن الشر فلا يبقى له دلالة على غير ذلك واللَّه أعلم.
قوله قلت يا نبي اللَّه وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ هذا استفهام استثبات وتعجب واستغراب يدل على أن معاذا لم يكن يعلم ذلك فإن قيل فأنَّى خفَاءُ هذا عنه من قوله عليه الصلاة والسلام أعلمكم بالحلال والحرام معاذ، والكلام المؤاخذ به حرام وها هو لم يعلمه؟!
فالجواب من وجهين أحدهما أن ظاهر الحلال والحرام في المعاملات الظاهرة بين الناس لا في معاملة العبد مع ربه فلا يرد السؤال. الوجه الثاني أنه صار أعلمهم بالحلال والحرام بعد هذا بمثل هذا السؤال وأمثاله من طرق العلم والاستفادة.