فهو خير" قالوا ومنك يا رسول الله فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ومني" (١).
لطيفة: سمع عمر - رضي الله عنه - سائلا يسأل بعد المغرب فقال لواحد من قومه عش الرجل فعشاه ثم سمعه ثانيا يسأل فقال ألم أقل لك عش الرجل قال قد عشيته فنظر عمر فإذا تحت يده مخلاة مملوءة خبزا فقال لست سائلا ولكنك تاجر ثم أخذ المخلاة ونثرها بين يدي إبل الصدقة وضربه بالدرة وقال لا تعد، ولولا أن سؤاله كان حراما لما ضربه ولا أخذ مخلاته ولعل الفقيه الضعيف المنة يستبعد هذا من فعل عمر ويقول أما ضربه فهو تأديب وقد ورد الشرع بالتعزير وأما أخذ ماله فهو مصادرة والشرع لم يرد بالعقوبة بأخذ المال فكيف استجازه عمر وهو استبعاد مصدره القصور في الفقه فأين يظهر فقه الفقهاء كلهم في حوصلة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وإطلاعه على أسرار دين الله ومصالح عباده بل الفقه الذي لاح له فيه أنه رآه مستغنيا عن السؤال وعلم أن من أعطاه شيئا فإنما أعطاه على اعتقاد أنه محتاج وقد كان كاذبا فلم يدخل في ملكه بأخذه مع التلبيس وعسر تمييز ذلك ورده إلى أصحابه إذ لا يعرف أصحابه بأعيانهم فبقي مالا لا مالك له فوجب صرفه إلى المصالح وإبل الصدقة وعلفها من المصالح ويتنزل أخذ السائل مع إظهار الحاجة كاذبا كأخذ العلوي بقوله إني علوي وهو كاذب فإنه لا يملك ما يأخذه كأخذ
(١) قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء أو المغني عن حمل الأسفار (ص: ١٥٦٥) أخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس "استغنوا عَن النَّاس وَلَو بشوص السِّوَاك، وَإِسْنَاده صَحِيح، وَله فِي حَدِيث" فتعففوا وَلَو بحزم الْحَطب وَفِيه من لم يسم، وَلَيْسَ فِيهِ: وَمَا قل من السُّؤَال ... " إِلَخ.