المجلس (٦٤٨): من يسلم عليه ومن لا يسلم عليه.
المجلس ٦٤٨ منه، وهو ١٠٢٨ من أمالي سيدنا ومولانا شيخ الإسلام
قال ﵁:
قوله (١): «وروينا في صحيح البخاري عن ابن عمر»، إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي ﵀، أن أبا عبد الله بن جابر أخبرهم، أنا أبو محمد بن هارون، أنا أبو القاسم بن بقي -بفتح الموحدة وكسر القاف-، أنا محمد بن عبد الحق، أنا محمد بن فرج، أنا يونس بن عبد الله، أنا أبو عيسى بن يحيى الليثي، عن (٢) أبيه، عن يحيى بن يحيى الليثي، عن مالك (٣). ح
وقرأته عاليا على إبراهيم بن محمد -بمكة-، أن أبا العباس الصالحي أخبرهم، أنا أبو المنجى، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن المظفر، أنا أبو محمد السرخسي، أنا أبو العباس السمرقندي، أنا أبو محمد الدارمي (٤)، ثنا خالد بن مخلد، ثنا مالك. ح
وأخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام، بالسند الماضي قريبا (٥) إلى أبي مصعب: أنا مالك (٦):
عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر ﵄، أن رسول الله ﷺ قال: «إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليك. فقل: وعليك»، وفي رواية يحيى: «عليك»، بغير واو (٧)، وفي رواية خالد كذلك وحذف الفاء من: «فقل».
أخرجه البخاري (٨) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
ورواه سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن دينار، بإثبات الواو:
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، أنا أحمد بن أبي بكر بن طي وإبراهيم بن محمد بن عبد الصمد، قالا: أنا عبد الرحيم بن يحيى، زاد الثاني: وأخبرنا غازي بن أبي الفضل الحلاوي، قالا: أنا أبو علي الرصافي، أنا أبو القاسم الشيباني، أنا أبو علي التميمي، أنا أبو بكر المالكي، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي (٩)، ثنا سفيان، قال: سمعته من ابن دينار، عن ابن عمر، فذكره مثل الأول سواء، لكن قال: «إن اليهودي»، ولم يقل: «أحدهم». قال: وقال مرة: «إن اليهود»، فذكره كالأول (١٠).
تنبيه: لم يذكر المؤلف ﵀ أن مسلما أخرجه، مع أنه عنده (١١)، لكن من غير رواية مالك.
وبهذا السند إلى الإمام أحمد (١٢): ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي -فرقهما-، قالا: ثنا سفيان -وهو الثوري-. وقال يحيى -مرة أخرى-: ثنا مالك. كلاهما عن عبد الله بن دينار، فذكر الحديث.
وقرأت على الشيخ أبي الفرج بن الغزي، بالسند الماضي مرارا إلى أبي نعيم في «المستخرج» (١٣): ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن علي، ثنا زهير بن حرب، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، فذكره.
أخرجه البخاري (١٤) عن مسدد، عن يحيى القطان، عن مالك وسفيان -جميعا-. هكذا هو في باب «أحكام المرتد».
وأخرجه مسلم (١٥) عن زهير بن حرب، فوقع لنا موافقة عالية.
ووقع لنا من وجه آخر أعلى بدرجة أخرى إلى عبد الله بن دينار من الطريق الثانية:
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، أنا أبو الحسن القطيعي -في كتابه-، أنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز، أنا الحسن بن عبد الرحمن، ثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس -بكسر الفاء، وتخفيف الراء، وآخره مهملة-، أنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو صالح بن أبي الأزهر، ثنا إسماعيل بن جعفر (١٦)، ثنا عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر، فذكر الحديث باللفظ الأول، لكن بغير واو.
أخرجه مسلم (١٧)، والترمذي (١٨)، والنسائي (١٩)، جميعا عن علي بن حجر، زاد مسلم: عن قتيبة، ويحيى بن أيوب، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر، فوقع لنا بدلا عاليا بدرجتين.
قوله (٢٠): «وروي أن ابن عمر سلم على رجل»، إلى آخره.
لم يذكر المصنف من أخرجه، وقد وجدته في «جامع ابن وهب» (٢١) -وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٢٢) من طريقه- عن السري بن يحيى، عن سليمان التيمي، أن ابن عمر مر برجل فسلم عليه، فقيل له: إنه نصراني. فرجع إليه، فقال: رد علي سلامي. قال: قد رددته عليك. فقال له ابن عمر: كثر الله مالك.
لكن في الأولى أنه يهودي، وفي هذه زيادة ليست في تلك، فلعلهما واقعتان (٢٣).
قوله (٢٤): «وقد روينا في موطأ الإمام مالك ﵀ أن مالكا سئل»، إلى آخره.
قلت: وقع ذلك في الرواية التي سقتها أولا عن يحيى بن يحيى (٢٥): قال: وسئل مالك عمن سلم على اليهودي والنصراني، هل يستقيله ذلك؟ قال: «لا».
قوله (٢٦): «وفي المسألة أحاديث كثيرة بنحو ما ذكرنا».
قلت: منها حديث عائشة في الصحيحين (٢٧) من طريق الزهري، عن عروة، عنها، قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله ﷺ، فقالوا: السام عليك، ففهمتها، الحديث، وفيه: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: «قد قلت: وعليكم»، لفظ شعيب عند البخاري. ولفظ مسلم عن سفيان بغير واو (٢٨).
وقد أخرج البزار (٢٩) هذا الحديث من وجه آخر عن أنس، فيه زيادة، فقال في روايته: فقالوا: السأم (٣٠) عليكم، أي: تسأمون دينكم. وقال في آخره: «قد قلت: عليكم، أي: عليكم ما قلتم»، هكذا في نفس الحديث، ويغلب على الظن أن التفسير مدرج في الخبر من بعض رواته، لكن الإدراج لا يثبت بالاحتمال (٣١).
والعلم عند الله -تعالى-.
آخر ٦٤٨، وهو ١٠٢٨، في ١٩ جماد ٢.
* * *
(١) «الأذكار» (ص ٤٠٤).
(٢) سقط هنا «عم»، فأبو عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى يرويه عن عم أبيه: عبيد الله بن يحيى بن يحيى.
(٣) «الموطأ» برواية يحيى الليثي (٢/ ٩٦٠).
(٤) (٢٦٧٧).
(٥) في المجلس السابق (٦٤٧).
(٦) «الموطأ» برواية أبي مصعب الزهري (٢٠٢١).
(٧) الذي في نشرتي رواية أبي مصعب كذلك، وكذلك في رواية البغوي في «تفسيره» (٢/ ٢٥٨) و «شرح السنة» (٣٣١١) من طريق أبي مصعب.
(٨) (٦٢٥٧).
(٩) (٤٦٥٢).
(١٠) لفظه: وقال مرة: «إذا سلم عليكم اليهود فقولوا: وعليكم، فإنهم يقولون: السام عليكم».
(١١) (٢١٦٤).
(١٢) (٤٧٨٩ - ٤٧٩٠، ٥٣١٧).
(١٣) «على مسلم»، ولم أره فيما وقفت عليه منه مخطوطا.
(١٤) (٦٩٢٨).
(١٥) (٢١٦٤).
(١٦) في نسخته برواية ابن أبي الأزهر المعروف بابن زنبور، ولم أقف عليها، وهو في رواية علي بن حجر (٢٧).
(١٧) (٢١٦٤).
(١٨) (١٦٠٣).
(١٩) «الكبرى» (١٠١٣٨).
(٢٠) «الأذكار» (ص ٤٠٥).
(٢١) (٩٥٨).
(٢٢) (٨٥١٥).
(٢٣) أخرج الأثر دون الزيادة: بذكر اليهودي: عبد الرزاق (٢٠٥٠٩) من طريق قتادة، عن ابن عمر. وبذكر النصراني: البخاري في «الأدب» (١١١٥) من طريق عبد الرحمن، عن ابن عمر. وفي «جامع ابن وهب» (٩٥٧) -ومن طريقه البيهقي في «الشعب» (٨٥١٤) -، وطبقات ابن سعد (٤/ ١٥٢)، أن ابن عمر سلم على ناس من يهود، فذكره دون الزيادة. ولعل المؤلف لم يخرجه من هذا -مع كونه كان بين يديه- لاختلاف السياق فيمن سلم عليه.
(٢٤) «الأذكار» (ص ٤٠٥).
(٢٥) (٢/ ٩٦٠)، وهو كذلك في رواية أبي مصعب (٢٠٢٢).
(٢٦) «الأذكار» (ص ٤٠٥)، وهو سابق للنقلين المارين من كلام النووي.
(٢٧) «البخاري» (٦٠٢٤، ٦٢٥٦، ٦٣٩٥، ٦٩٢٧)، «مسلم» (٢١٦٥).
(٢٨) الذي في مسلم من لفظ سفيان بالواو، ثم أسند رواية صالح بن كيسان ومعمر عن الزهري، قال: «ولم يذكروا الواو».
(٢٩) (٧٠٩٧).
(٣٠) بإسكان الهمزة في الأصل، ويصح بمدها: «السآم».
(٣١) استند المؤلف في «الفتح» (١١/ ٤٣) إلى بعض الروايات في احتمال إدراج قوله: «أي: تسأمون دينكم»، ولم يتعرض لقوله: «أي: عليكم ما قلتم».