للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتخليص جيشه، وذلك بالتقهقر نحو دمياط، وأعد نفسه للدخول في مفاوضات مع المسلمين. فأرسل إلى تورانشاه يعرض عليه (١)، أن يسلم دمياط مقابل تسليم بيت المقدس له، وبعض بلاد الساحل (٢). بيد أن الوقت قد فات على شرط كهذا الشرط بعد أن عرف المسلمون ما عليه من ضعف (٣)، فلم تقع الإجابة إلى ذلك. فأسقط في يد الملك لويس، وعزم حينئذ على التقهقر إلى دمياط (٤)، ودعا قادته للاجتماع به لمناقشة هذا الأمر، فتوسلوا إليه أن يتسلل بحرسه إلى دمياط، فأبى في كبرياء أن يتخلى عن رجاله. فتقرر نقل المرضى على السفن بطريق النيل، وأن يتخذ الأصحاء من الجند الطريق الذي سبق أن سلكوه في قدومهم (٥).

واستعدادا للرحيل أحرق الصليبيون يوم الجمعة ٢٦ ذي الحجة/ ١ نيسان أخشابهم كلها كيلا يستفاد منها، وأتلفوا مراكبهم (٦). وفي ليلة الأربعاء ٢ المحرم سنة ٦٤٨ هـ/ ٧ نيسان ١٢٥٠ م (٧) رحلوا بفارسهم وراجلهم متوجهين إلى دمياط ليمتنعوا بها، وانحدرت مراكبهم في النيل قبالتهم (٨). واتخذ الملك لويس التاسع مكانه في مؤخرة الجيش كيما يشجع العساكر الذين ضلوا الطريق.

وتنبه المماليك البحرية في المنصورة لتحرك الصليبيين، فنهضوا لمطاردتهم، واكتشفوا أن الصليبيين جميعا قد اجتازوا البحر الصغير، وأن مهندسيهم نسوا أن يدمروا الجسر العائم، فاجتازوه (٩). ومع طلوع صباح يوم الأربعاء كان المسلمون قد أحاطوا بالصليبيين في فارسكور، وبذلوا


(١) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٤).
(٢) مفرج الكروب (٦/ ١٢٢).
(٣) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٤).
(٤) مفرج الكروب (٦/ ١٢٢).
(٥) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٤ - ٤٦٥).
(٦) مفرج الكروب (٦/ ١٢٢)، والسلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٥٤).
(٧) المذيل على الروضتين (٢/ ٩٣).
(٨) مفرج الكروب (٦/ ١٢٤).
(٩) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٥).

<<  <   >  >>