لي أنا؟ فكان حفظه الملك وسياسة العسكر، ومقاتلة الفرنج من أكبر ذنوبه، على حد تعبير سبط ابن الجوزي (١).
ثم ركب المعظم بالعساكر إلى قبالة الصليبيين، وناوشهم القتال، وشدد حصارهم في منزلتهم التي نزلوها. وقدم إليه جماعة من العلماء، منهم الشيخ العلامة عز الدين بن عبد السلام (٢).
* * *
وكانت الميرة تأتي للصليبيين من دمياط، فعمد المسلمون إلى مراكب حملوها على الجمال إلى بحر المحلة، وألقوها فيه، بعد أن شحنوها بالمقاتلة، مستفيدين مما فيه من ماء أيام زيادة النيل، وكمنوا للصليبيين. فلما حاذتهم مراكبهم المقلعة من دمياط، خرجوا عليها، ووقع القتال بين الفريقين. وأمدت المسلمين أساطيلهم منحدرة من جهة المنصورة، فطوقوا بذلك مراكب الصليبيين، وأخذوهم أخذا باليد، فقتلوا وأسروا منهم نحو ألف، وسلبوا نحو خمسين مركبا، واستولوا على ما فيها من ميرة، ثم حملوا الأسرى على الجمال، وقدموا بهم إلى المنصورة. وانقطعت بسبب ذلك الميرة عن معسكر الصليبيين، وضعفوا ضعفا شديدا، واشتد عندهم الغلاء من يومئذ، وعدمت الأقوات، وباتوا محصورين لا يستطيعون المقام ولا الذهاب. واستضرى عليهم المسلمون، وطمعوا فيهم (٣).
وحاول الصليبيون مرة أخرى إيصال الميرة إلى معسكرهم المحاصر، فخرج عليهم المسلمون في مراكبهم يوم الإثنين ٩ ذي الحجة/ ١٥ آذار، وهو يوم عرفة، فالتقوا بمراكب الصليبيين، فاستولوا منهم على نحو اثنين وثلاثين مركبا، فازداد عند ذلك ضعف الصليبيين، وقوي عندهم الغلاء (٤).
وأدرك الملك لويس التاسع حينئذ أن لا بد له من بذل ما في وسعه