للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مؤلفاته]

في حياته الحافلة وجد سبط ابن الجوزي أوقاتا اختلسها للتوفر على تآليفه، وقد وصفت بأنها حسنة مفيدة (١)، ولعل أهمها تاريخه الذي سماه «مرآة الزمان في تواريخ الأعيان»، وسأتلبث عنده قليلا، ثم أجمل الكلام في سائر مؤلفاته الأخرى.

[«مرآة الزمان»]

لله در التاريخ (٢)، بهذه العبارة المفعمة بنشوة الغبطة يعبر سبط ابن الجوزي عن ولعه بهذا الفن الجميل؛ فن التاريخ، وبشفافية شاعر حقا، لا تستغرب من واعظ موهوب، يختار لكتابه عنوانا رائعا؛ «مرآة الزمان»، تاركا لخيالك أن يسافر عبر الزمن لترى في مرآته ما كان يراه.

وبعبارته هذه اختصر سبط ابن الجوزي أشواق الإنسان للتاريخ على اختلاف انتماءاته وعصوره. ثم علل ما أجمله بقوله: لأن الفطر السليمة، والفكر المستقيمة تستشرف إلى معرفة البدايات، وتشرئب إلى إدراك المنشآت. ومن تدبر مجاري الأقدار، ومبادي الليل والنهار، صار كأنه عاصر تلك العصور، وباشر تلك الأمور (٣)، ولذلك مال الناس «إلى سماع أنباء الأنبياء، والخلفاء والملوك والوزراء والأدباء والشعراء .. وإلى النظر في سير الفضلاء والزهاد والعباد والصلحاء»، بيد أن «الغالب على التواريخ جمع الغث والسمين، والواهي والمتين، والتكرار الخالي


(١) ذيل مرآة الزمان (١/ ٤٢)، وصلة التكملة (١/ ٣٤١).
(٢) مرآة الزمان (٢/ ٢٧٥).
(٣) مرآة الزمان (١/ ٥).

<<  <   >  >>