للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حب التاريخ وتدوينه، لتباين مشربيهما في الحياة، بين القرب من السلطان والنأي عنه (١). ولم يجمجم أبو شامة رأيه فيه، فقص علينا حلما رآه ليلة وفاته، يعبر به عما في نفسه، فقال: «ورأيت موته مناما تلك الليلة قبل أن أسمع به يقظة إلا أني رأيته في حالة منكرة، ورآه غيري أيضا كذلك، نسأل الله العافية» (٢).

ولئن أنكر بعض من عاصره شيئا من أفعاله في حياته، إن الموت كان به رحيما، فقد جنبه رؤية مدينته بغداد بعد نحو سنة من وفاته (٣) وقد استباحها التاتار، وأفنوا أهلها بين قتيل وأسير (٤)، وكان من قتلاهم صديق عمره خاله محيي الدين يوسف؛ أستاذ الدار، والخليفة المستعصم بالله (٥).

فأغفى إغفاءته الأخيرة وهو يعتقد، كسائر معاصريه، أن الخلافة في بني العباس باقية إلى يوم القيامة (٦).


(١) ينظر كتابي «أبو شامة مؤرخ دمشق في عصر الأيوبيين» (٣٨).
(٢) المذيل على الروضتين (٢/ ١١٧).
(٣) استولى التاتار على بغداد في المحرم سنة ٦٥٦ هـ/ كانون الثاني ١٢٥٨ م. ينظر: «المذيل على الروضتين» (٢/ ١٢٤).
(٤) ينظر: «الحوادث الجامعة» (١٥٦ - ١٥٩).
(٥) سير أعلام النبلاء (٢٣/ ١٨١، ٣٧٤).
(٦) مرآة الزمان (١٠/ ٤٤٣)، وينظر: «تاريخ مختصر الدول» (٢٧٠).

<<  <   >  >>