فيهم سيوفهم، واستولوا عليهم قتلا وأسرا (١)، ولم يسلم منهم إلا الشاذ (٢). وأبلت المماليك البحرية، ولا سيما ركن الدين بيبرس البندقداري في هذه الوقعة بلاء حسنا، وبان لهم أثر جميل.
والتجأ الملك لويس التاسع وعدة من أكابر أصحابه إلى تل منية (٣) عبد الله من ناحية شرمساح (٤)، ووقفوا به مستسلمين، طالبين الأمان، فأتاهم الطواشي جمال الدين محسن الصالحي، فأمنهم (٥)، فنزلوا على أمانه. واقتيدوا إلى المنصورة، فقيد الملك لويس بقيد من حديد، واعتقل في دار فخر الدين إبراهيم بن لقمان؛ كاتب الإنشاء، ووكل بحفظه الطواشي صبيح المعظمي (٦)؛ أحد خدام المعظم تورانشاه (٧).
وسيرت البشائر بهذا النصر العظيم إلى مصر والقاهرة وسائر البلاد (٨) وطلب المعظم من الملك لويس، وهو في حبسه، بألا يتنازل فحسب عن دمياط، بل عن كل ما للصليبيين في بلاد الشام. فأجابه لويس بأن هذه البلاد تخص الملك كنراد بن الإمبراطور فردريك الثاني، وما من أحد غيره يستطيع أن يتخلى عنها. فبادر إلى إغفال هذا الاقتراح، وألزمه أن يفتدي نفسه بمبلغ ضخم، فوافق الملك لويس (٩).
ورحل المعظم والعساكر (١٠)، ومعه الملك لويس (١١) من المنصورة باتجاه دمياط، ونزل بفاسكور، وأقيم مخيمه فيها، ونصب له إلى جانبه برج من خشب، كان يصعد إليه في بعض الأوقات (١٢) للهوه (١٣).