للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أزقتها (١)، وانهزم الناس منهم يمينا وشمالا (٢)، وأيقنوا بالظفر، انقض عليهم هؤلاء المماليك، وحملوا عليهم حملة واحدة عظيمة، زعزعوا بها صفوفهم، وأخذتهم سيوفهم، فأثخنوا فيهم قتلا وجرحا، وطرحوهم في أزقة المنصورة، وكادوا يستأصلونهم (٣)، حتى حال بينهم الليل (٤)، فلم يفلت منهم إلا عدد قليل. واعتصم روبرت وحرسه في بيت من بيوتها، غير أن المماليك اقتحموا البيت، وأجهزوا عليه مع حرسه (٥).

وهذه هي أولى المعارك التي كان النصر فيها حليف هؤلاء المماليك وحدهم، لا يشاركهم فيها غيرهم. ووردت بشراها على المعظم تورانشاه، وهو في طريقه إلى مصر (٦).

- ٣ -

وبينما كان الملك لويس التاسع على وشك الفراغ من اجتياز البحر الصغير، بلغته هزيمة الصليبيين بالمنصورة، فبادر على الفور بإقامة خط أمامي لمواجهة ما يتوقعه من هجوم من قبل المماليك. وأمر المهندسين بإنشاء جسر على مجراه، واتخذ الرماة مواضعهم على الطرف البعيد للنهر كي يحموا الجند عند عبورهم، وكان لويس حريصا على أن يلحقوا به (٧).

ولم يلبث المماليك أن خرجوا من المنصورة، وهجموا على موقع الصليبيين الجديد، ليحولوا دون بنائهم الجسر، فلم ينجحوا في ذلك، واكتمل بناؤه مع غروب شمس يوم الأربعاء ٦ ذي القعدة/ ١٠ شباط. فاجتازه الرماة الصليبيون، ورجع المماليك إلى المنصورة. ونصب الملك لويس التاسع معسكره في ذلك الموقع، وعلم وقتئذ بمصرع أخيه روبرت،


(١) مفرج الكروب (٦/ ١١١).
(٢) السلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٥٠).
(٣) مفرج الكروب (٦/ ١١٢).
(٤) السلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٥١).
(٥) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٠).
(٦) مفرج الكروب (٦/ ١١٣).
(٧) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٠ - ٤٦١).

<<  <   >  >>