كتيبة من الداوية، فحملوا عليه، فهرب من كان معه (١)، وتركوه وحيدا يدافع عن نفسه، فطعنه واحد من الداوية برمح في جنبه (٢)، فوقع عن الفرس، وتكاثروا عليه، فضربوه في وجهه بالسيف عرضا وطولا ضربتين، فقتلوه، وله من العمر ست وستون سنة (٣).
وبمقتل الأمير فخر الدين (٤) تمت لروبرت السيطرة على المعسكر. وعندئذ توسل إليه مقدم الداوية أن ينتظر حتى يجتاز الملك وسائر الجيش المخاضة ليلحقوا به، بيد أن هذا النصر السريع فتح شهية روبرت للقتال، فعزم على أن يستولي على المنصورة (٥).
ومع أن العساكر قد انهزموا بين يديه (٦) إلا أن مماليك الصالح أيوب البحرية - وفيهم ركن الدين بيبرس البندقداري (٧) - ظلوا متماسكين (٨).
وبدهاء ورباطة جأش تركوا الصليبيين يتدفقون على المدينة، وقد كمنوا لهم في سككها وشوارعها، حتى إذا بلغوا أسوار قلعتها (٩)، وتفرقوا في
(١) مرآة الزمان (٢٢/ ٤١١). (٢) السلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٤٩). (٣) مرآة الزمان (٢٢/ ٤١١). ثم حمل من أرض المعركة في مركب إلى القاهرة، فدفن عند والدته، قريب من ضريح الإمام الشافعي، ولم يخلف إلا بنتا واحدة. تنظر ترجمته في: «مرآة الزمان» (٢٢/ ٤١٠ - ٤١٢)، ومفرج الكروب (٦/ ١١٣ - ١١٥)، واستقصيت مصادرها في تحقيقي لكتاب «المذيل على الروضتين» (٢/ ٩٢). (٤) السلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٥٠). (٥) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٥٩). (٦) مرآة الزمان (٢٢/ ٤٠٨). (٧) كان ركن الدين بيبرس البندقداري مملوكا للأمير علاء الدين أيدكين البندقداري؛ أحد مماليك الصالح أيوب، وأمرائه الكبار، واتفق أن الصالح أيوب غضب عليه مرة واعتقله، وأخذ مماليكه، وركن الدين واحدا منهم، فصار له. وهو الذي سيحكم من بعد مصر والشام، ويلقب بالظاهر بيبرس. ينظر: «مفرج الكروب» (٦/ ١٢٨) (٨) مفرج الكروب (٦/ ١١٢)، والسلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣٥٠). (٩) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٤٦٠).