قالوا: وفي «صحيح مسلمٍ»(١)، من حديث عثمان بن عفان: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «من صلَّى العشاء في جماعةٍ فكأنَّما قام نصف اللَّيل، ومن صلَّى الصُّبح في جماعةٍ فكأنَّما قام اللَّيل كلَّه».
قالوا: فشَبَّهَ فعلها في جماعةٍ بما ليس بواجبٍ. والحكم في المُشَبَّه كهُوَ في المشبَّه به أو دونه في التَّأكيد.
قالوا: وقد روى يزيد بن الأسود قال: شهدْتُ مع النَّبيِّ ﷺ حَجَّتَه، فصلَّيْتُ معه صلاة الصُّبح في مسجد الخيف، فلمَّا قَضَى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يُصَلِّيَا، قال:«عليَّ بِهِما». فجيء بهما، تُرْعَدُ فرائِصُهما. قال:«ما منعكما أنْ تُصَلِّيَا معنا؟». فقالا: يا رسول الله، قد صلَّيْنَا في رِحالنا. قال: «فلا تفعلا، إذا صلَّيْتُما في رِحَالِكما (٢) ثم أتيتما مسجد جماعةٍ فصَلِّيا معهم؛ فإنَّها (٣) لكما نافلة» رواه أهل «السُّنن»(٤).
= … ونُقِل عن الشَّافعي تجهيله لإسناده؛ وعُلِّل بأنَّ يزيد بن الأسود ليس له راوٍ غير ابنه جابر، ولا لجابر راوٍ غير يعلى؛ كما في سنن البيهقي (٢/ ٣٠١)، وقال: «وكان يحيى بن معين وجماعة من الأئمَّة يوثِّقون يعلى بن عطاء، وهذا الحديث له شواهد قد تقدَّم ذكرها، فالاحتجاج به وبشواهده صحيحٌ». وقال ابن حجر في التَّلخيص (٢/ ٢٩): «وقد وجدنا لجابر بن يزيد راويًا غير يعلى، أخرجه ابن منده في المعرفة». وقد صحَّح الحديث الترمذي وابن خزيمة وابن حبَّان وابن السَّكن كما في التَّلخيص الحبير (٢/ ٢٩)، وابن الملقِّن في البدر المنير (٤/ ٤١٣). (١) حديث (٦٥٦). (٢) س: «رحالكم». (٣) س: «معهما، فإنهما». (٤) النَّسائي (٨٥٨)، وأبوداود (٥٧٥)، والترمذي (٢١٩)، وقال: «حسنٌ صحيحٌ». وأخرجه أحمد (٤/ ١٦٠)، وابن خزيمة (١٢٧٩)، وابن حبان (١٥٦٤)، وغيرهم، كلُّهم من طريق يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود السوائي عن أبيه ﵁ به. … =