وسِرُّ ذلك (١): أنَّ المصلِّي قبل سلامه في محلِّ المناجاة والقُرْبة بين يَدَي ربِّه، فسؤاله في هذه الحال أقرب إلى الإجابة من سؤاله بعد انصرافه من بين يدي ربِّه (٢). وقد سُئِل النَّبيُّ ﷺ: أيُّ الدُّعاء أسمع؟ فقال:«جوف اللَّيل، وأدبار الصَّلاة المكتوبة»(٣).
وقد يُرَاد بدُبُرِها ما بعد انقضائها، بقرينةٍ تدلُّ عليه؛ كقوله: «تسبِّحُون
(١) هـ وط: «ومن ذلك». (٢) ض وهـ وط: «بين يديه». (٣) أخرجه الترمذي (٣٤٩٩)، والنَّسائي في عمل اليوم والليلة (٤٥)، من طريق ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة الباهليِّ ﵁ قال: قيل لرسول الله ﷺ: أيُّ الدُّعاء أسمع؟ .. وساقه بنحوه. قال التِّرمذي عقبه: «حديثٌ حسنٌ»، وفي نتائج الأفكار (٢/ ٢٤٧): «حسنٌ غريبٌ». وقد أعلَّ إسناده ابنُ القطَّان الفاسي في بيان الوهم (٢/ ٣٨٥)، وكذا الزَّيلعي في نصب الراية (٢/ ٢٣٥) بالانقطاع بين ابن سابط وأبي أمامة ﵁، ونقلوا عن ابن معين ذكر إرساله، وعدم سماعه منه. وممَّا ذُكِر في علله: عنعنة ابن جريج، وشذوذ إسناده؛ فإنَّه جاء عن جماعةٍ من أصحاب أبي أمامة من رواية أبي أمامة عن عمرو بن عبسة عن النبيِّ ﷺ. ويُنْظَر: نتائج الأفكار لابن حجر (٢/ ٢٤٧). قال التِّرمذي: «وقد رُوِيَ عن أبي ذر وابن عمر عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال: جوف اللَّيل الآخر الدُعاء فيه أفضل أو أرجى أو نحو هذا». (٤) س: «وجزؤها».