يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}
[التَّوبَة: ١١٧ - ١١٨] (١).
- الفَائِدَة الخَامِسَة: لَيسَ مِنْ شَرْطِ التَّوبَةِ عَدَمَ العَودَةِ لِلْذَّنْبِ! وَإِنَّمَا العَزْمُ عَلَى عَدَمِ العَودَةِ؛ فَإِنَّهُ إِنْ عَادَ إِلَى الذَّنْبِ؛ فَإنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ تَوبَتَهُ الأُولَى.
كَمَا في الصَّحِيحَين من حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَاخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي: رَبِّ؛ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَاخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي رَبِّ؛ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا؛ فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَاخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ» (٢).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَالمَعْنَى: مَا دَامَ عَلَى هَذَا الحَالِ؛ كُلَّمَا أَذْنَبَ اسْتَغْفَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الاسْتِغْفَارُ المَقْرُونُ بِعَدَمِ الإِصْرَارِ" (٣).
تَمَّ الكِتَابُ بِحَولِهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ وَفَضْلِهِ.
(١) وَأَمَّا قَولُهُ تَعَالَى -هُنَا-: {لِيَتُوبُوا} فَلَيسَتْ هِيَ المُرَادَةُ؛ لَأَنَّهَا تَوبَةٌ مِنَ العَبْدِ وَلَيسَتْمِنَ اللهِ.(٢) البُخَارِيُّ (٧٥٠٧)، وَمُسْلِمٌ (٢٧٥٨).(٣) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٤٠٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute