مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ". البُخَارِيُّ (١).
- قَولُهُ: «لا َيُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ»: هَذَا فِيهِ نَفْيٌ لِكَمَالِ الإِيمَانِ الوَاجِبِ.
- مَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّ الإِنْسَانَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا كَامِلَ الإِيمَانِ الوَاجِبِ حَتَّى تَكُونَ مَحبَّتُهُ تَابِعَةً لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَغَيرِهَا؛ فَيُحِبُّ مَا أَمَرَ بِهِ، وَيَكْرَهُ مَا نَهَى عَنْهُ.
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأَحْزَاب: ٣٦].
وَفِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فَلَا يَكُونُ المُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَقًّا حَتَّى يُقَدِّمَ مَحَبَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَحَبَّةِ جَمِيعِ الخَلْقِ، وَمَحَبَّةُ الرَّسُولِ تَابِعَةٌ لِمَحَبَّةِ مُرْسِلِهِ (٢).
- قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: " قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ النَّهْرُجُورِيُّ (٣): كُلُّ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يُوَافِقِ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ؛ فَدَعَوَاهُ بَاطِلَةٌ، وَكُلُّ مُحِبٍّ لَيْسَ يَخَافُ اللَّهَ؛ فَهُوَ مَغْرُورٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ (٤): لَيْسَ بِصَادِقٍ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَحْفَظْ
(١) البُخَارِيُّ (١١٣).(٢) البُخَارِيُّ (١٥)، وَمُسْلِمٌ (٤٤).(٣) "إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ أَبُو يَعْقُوبَ النَّهْرَجُوريُّ الصُّوفِيُّ، "المُتَوَفَّى: ٣٣٠ هـ"، أَحَدُ المَشَايخِ، صَحِبَ الجُنَيدَ، وَعَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ المَكِّيَّ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً، وَبِهَا مَاتَ". تَارِيخُ الإِسْلَامِ لِلْذَهَبِيِّ (٧/ ٥٨٧).(٤) "يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرّازيُّ؛ أَبُو زَكَرِيَّا الصُّوفِيُّ، "الوَفَاةُ: ٢٥١ - ٢٦٠ هـ"، العَارِفُ المَشْهُورُ، صَاحِبُ المَوَاعِظِ، كَانَ حَكِيمَ أَهْلِ زَمَانِهِ، سَمِعَ إِسْحَاقَ بْنَ سُلَيْمَانَ الرَّازِيَّ، وَمَكِّيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، وَغَيرَهُمَا". تَارِيخُ الإِسْلَامِ لِلْذَهَبِيِّ (٦/ ٢٣١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute