الإِضْمَارَاتِ وَالطَّوَايَاتِ المَذْمُومَةِ وَإِنْ لَمْ تُسَاعِدْهَا الجَوَارِحُ بِالحَرَكَاتِ؛ لِأَنَّ الأَفْئِدَةَ مَحَلُّ الضَّمَائِرِ وَالنِّيَّاتِ، وَبِهَا تَصِحُّ جَمِيعُ أَعْمَالِ الجَوَارِحِ وَالحَرَكَاتِ. وَلَيسَ فِي قَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- إِخْبَارًا عَن رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ يَقُولُ لِمَلَائِكَتِهِ: «إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا حَتَّى يَعْمَلَهَا» (١) - مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ فِي الاهْتِمَامِ بِسَيِّئَةٍ لَا تُعْمَلُ إِلَّا بِالجَوَارِحِ مِثْلِ القَتْلِ وَالزِّنَا وَأَشْبَاهِهِ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ فِعْلُهَا إِلَّا بِالجَوَارِحِ؛ فَتَجَاوَزَ اللهُ -رِفْقًا بِعِبَادِهِ، وَرَحْمَةً لَهُم- عَنِ الاهْتِمَامِ بِهَا دُونَ الفِعْلِ، إِذِ الاهْتِمَامُ يُضَاهِي الخَاطِرَ وَالشَّهْوَةَ -وَهُمَا غَيرُ مَمْلُوكَين-؛ فَأَمَّا مَا كَانَ سُلْطَانُهُ فِيهِ لِلْقَلْبِ مِن الطَّوِيَّةِ عَلَى الكُفْرِ، وَحِفْظِ المُنْكَرِ، وَأَبَاطِيلِ السِّحْرِ وَأَشْبَاهِهِ؛ فَالإِضْمَارُ عَلَيهِ، وَالقَبُولُ لَهُ عَمَلٌ يَكْتُبُه الحَافِظُ، وَيَسْأَلُ عَنْهُ الرَّبُّ جَلَّ وَتَعَالَى" (٢).
(١) البُخَارِيُّ (٦٤٩١)، مُسْلِمٌ (١٢٨).(٢) النُّكَتُ الدَّالَّةُ عَلَى البَيَانِ (٢/ ١٦٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute