- المَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: هَلْ لِمَنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي أَمْرِ دِينِهِ، أَو قَائِمًا عَلَى بَعْضِ المَعَاصِي أَنْ يَامُرَ بِالمَعْرُوفِ أَو يَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَونَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البَقَرَة: ٤٤]؟!
الجَوَابُ: قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " لَيسَ فِي الآيَةِ أَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِمَا أُمِرَ بِهِ أَنَّهُ يَتْرُكُ الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ! لِأَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى التَّوبِيخِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الوَاجِبَينِ؛ وَإِلَّا فَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ عَلَى الإِنْسَانِ وَاجِبَينِ: أَمْرَ غَيرِهِ وَنَهْيَهُ، وَأَمْرَ نَفْسِهِ وَنَهْيَهَا، فَتَرْكُ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ رُخْصَةً فِي تَرْكِ الآخَرِ! فَإِنَّ الكَمَالَ أَنْ يَقُومَ الإِنْسَانُ بِالوَاجِبَينِ، وَالنَّقْصَ الكَامِلَ أَنْ يَتْرُكَهُمَا، وَأَمَّا قِيَامُهُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ؛ فَلَيسَ فِي رُتْبَةِ الأَوَّلِ، وَهُوَ دُونَ الأَخِيرِ، وَأَيضًا؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى عَدَمِ الانْقِيَادِ لِمَنْ يُخَالِفُ قَولُهُ فِعْلَهُ! فَاقْتِدَاؤُهُم بِالأَفْعَالِ أَبْلَغُ مِنِ اقْتِدَائِهِم بِالأَقْوَالِ المُجَرَّدَةِ" (١).
وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " قَالَ العُلَمَاءُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الآمِرِ وَالنَّاهِي أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الحَالِ مُمْتَثِلًا مَا يَامُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ! بَلْ عَلِيهِ الأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَامُرُ بِهِ، وَالنَّهْيُّ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلِيهِ شَيئَانِ: أَنْ يَامُرَ نَفْسَهُ وَيَنْهَاهَا، وَيَامُرَ غَيرَهُ وَيَنْهَاهُ؛ فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا؛ كَيفَ يُبَاحُ لَهُ الإِخْلَالُ بِالآخَرِ؟! " (٢).
(١) تَفْسِيرُ السَّعْدِيِّ (ص: ٥١).(٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ (٢/ ٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute