وَقَالَ العَلَّامَةُ الشَّنْقِيطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ: مَظِنَّةُ النَّفْعِ بِهِ، فَإِنْ جَزَمَ بِعَدَمِ الفَائِدَةِ فِيهِ؛ لَمْ يَجِبْ عَلِيهِ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ ظَاهِرُ قَولِهِ تَعَالَى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} " (١).
٢ - فِي الحَدِيثِ «إِذَا رَأيتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكانُوا هَكَذَا -وَشَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ-؛ فَالْزَمْ بَيتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُهُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيكَ بِأمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ العَامَّةِ» (٢).
قَالَ العَلَّامَةُ شَمْسُ الحَقِّ العَظِيمُ آبَادِي: " أَي: اِلْزَمْ أَمْرَ نَفْسِكَ، وَاحْفَظْ دِينَكَ، وَاتْرُكِ النَّاسَ وَلَا تَتَّبِعَهُمْ، وَهَذَا رُخْصَةٌ فِي تَرْكِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهِي عَنِ المُنْكَرِ إِذَا كَثُرَ الأَشْرَارُ وَضَعُفَ الأَخْيَارُ" (٣).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: " هَذِهِ الآيَةُ {عَلَيكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيتُمْ} [المَائِدَة: ١٠٥] لِأَقْوَامٍ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِنَا؛ إِنْ قَالُوا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ" .... ، وَكَلَامُ ابْنِ عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لَمْ يَجِبْ عَلِيهِ، كَمَا حُكِيَ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَا قَالَ الأَوزَاعِيُّ: مُرْ مَنْ تَرَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْكَ" (٤).
قُلْتُ: وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِإِظْهَارِ شَعَائِرِ الإِسْلَامِ، وَتَذْكِيرِ النَّاسِ بِأَمْرِ الدِّينِ (٥).
قَالَ الشَّيخُ صَالِحُ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ: " وَمَفْهُومُ الآيَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى
(١) أَضْوَاءُ البَيَانِ (١/ ٤٦٥).(٢) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٣٤٣) عَنِ ابْنِ عَمْرو مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٢٠٥).(٣) عَونُ المَعْبُودِ (١١/ ٣٣٥).(٤) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٢٥٣).(٥) أَفَادَهُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (إِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ) (٢/ ٣١٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute