قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَالأَصْنَامُ وَآلَاتُ المَلَاهِي لَا يَجِبُ فِي
إِبْطَالِهَا شَيءٌ، وَالأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الكَسْرَ الفَاحِشَ؛ بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا
قَبْلَ التَّالِيفِ، فَإِنْ عَجَزَ المُنْكِرُ عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الحَدِّ لِمَنْعِ صَاحِبِ المُنْكَرِ؛ أَبْطَلَهُ كَيفَ تَيَسَّرَ" (١).
وَهَكَذَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ الخَلِيلُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حِينَ حَطَّمَ الأَصْنَامَ "وَهَذِهِ هِيَ المَرْتَبَةُ الرَّفِيعَةُ؛ مَرْتَبَةُ تَغْييرِ المُنْكَرِ بِاليَدِ، سَنَّهَا أَبُو الأَنْبِيَاءِ إِبْرَاهِيمُ، وَتَبِعَهُ فِيهَا مُوسَى حِينَمَا قَالَ لِلْسَّامِرِيِّ: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: ٩٧]، وَتَبِعَهُمَا خِتَامُهُم وَأَفْضَلُهُم مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ فَحَطَّمَ أَوْثَانَ العَرَبِ المُحِيطَةِ بِمَكَّةَ، وَأَرْسَلَ أَصْحَابَهُ يَهْدِمُونَهَا فِي كُلِّ حَيٍّ، وَلَمْ تُغْنِ عَنْ طَاغِيَةِ ثَقِيفٍ شَفَاعَةُ ثَقِيفٍ" (٢).
- إِنَّ الإِنْكَارَ بِاللِّسَانِ هُوَ تَغْيِيرٌ لِلمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ صَاحِبُ المُنْكَرِ! وَيَكُونُ إِنْكَارُ اللِّسَانِ بِالزَّجْرِ، وَالتَّوبِيخِ، وَالرَّسَائِلِ، وَالكِتَابَةِ فِي الصُّحُفِ وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ أَسَالِيبِ الرَّدْعِ المُمْكِنَةِ.
- قَولُهُ: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ»: هُوَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيِينِ مُتَلَازِمَينِ:
١ - أَقَلِّ المَرَاتِبِ إِيمَانًا: وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ يَسْتَطِيعُهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَعَدَمُ الإِنْكَارِ فِي القَلْبِ دَلِيلٌ عَلَى ذَهَابِ الإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ.
٢ - أَقَلِّ أَنْوَاعِ الإِيمَانِ ثَمَرَةً: لِعَدَمِ تَعَدِّي نَفْعِهَا.
- فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ -بَعْدَ حَدِيثِ البَابِ- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أَنَّ
(١) مِنْهَاجُ الطَّالِبِينَ (ص: ١٤٧).(٢) آثَارُ الإِمَامِ مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِيِّ (١/ ٣٩٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute