مَسَائِلُ عَلَى الحَدِيثِ:
- مَسْأَلَةٌ: فِي عَلَاقَاتِ النَّاسِ فِيمَا بَينَهُم يَحْصُلُ شَيءٌ مِنَ الضَّرَرِ أَثْنَاءَ انْتِفَاعِ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِم؛ فَهَلْ يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الضَّرَرِ؟
الجَوَابُ: إِنَّ أَهْلَ العِلْمِ فِيهِ عَلَى قَولَينِ: مِنْهُم مَنْ مَنَعَ مُطْلَقًا (١)، وَمِنْهُم مَنْ فَصَّلَ -وُهُوَ الرَّاجِحُ وَاللهُ أَعْلَمُ (٢) -، لِأَنَّ مَصَالِحَ العِبَادِ لَا تَتَمُّ إِلَّا بِوُقُوعِ شَيءٍ مِنَ الضَّرَرِ أَوِ التَّعَدِّي المُحْتَمَلِ عَلَى بَعْضِهِم، وَهَذَا الجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطَينِ:
١ - أَنْ تَكُونَ المَصْلَحَةُ فِيهِ ظَاهِرَةً حَقِيقِيَّةً.
٢ - أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا الضَّرَرِ مُعْتَادًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: أَنْ يَكُونَ هَذَا الضَّرَرُ مُحْتَمَلًا.
وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ؛ مِنْهَا: مَنْ يُرِيدُ شِوَاءَ طَعَامٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَارٍ وَدُخَانٍ، وَالدُّخَانُ فِيهِ أَذًى عَلَى الجَارِ! فَمِثْلُ هَذَا الشِّوَاءِ مَصْلَحَتُهُ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ طَعَامٌ يَحْتَاجُ لِهَذَا النَّوعِ مِنَ الطَّهْي، وَهَذَا الضَّرَرُ مُعْتَادٌ؛ فَالتَّأَذِّي بِالدُّخَانِ مِمَّنْ حَولَكَ شَائِعٌ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (٣).
(١) كَالإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. انْظُرْ كِتَابَ (جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ) (٢/ ٢١٧).(٢) وَهُوَ قَولُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ -رَحِمَ اللهُ الجَمِيعَ- وَخَاصَّةً أَنَّ مَصَالِحَ النَّاسِ لَا تَتِمُّ بِدُونِهِ! وَعَلَيهِ جَرَى العَمَلُ. انْظُرْ (جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ) (٢/ ٢١٧).(٣) وَهَذا بِخِلَافِ مِنْ أَشْعَلَ نَارًا لِأَنَّهُ يُحِبُّ رُؤْيَةَ الدُّخَانِ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute