مَسَائِلُ عَلَى الحَدِيثِ:
- المَسْأَلَةُ الأُولَى: يُشْكِلُ هَذَا الحَدِيثُ فِي قَولِهِ: «أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ» مَعَ حَدِيثِ «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَلَاَ أَنَا؛ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدِنِيَ اللهُ بِرَحْمَتِهِ» (١)! فَمَا الجَمْعُ؟
الجَوَابُ: أَنَّ البَاءَ فِي الحَدِيثِ الأَوَّلِ هِيَ بَاءُ السَّبَبِيَّةِ، وَالتِي تُفِيدُ أَنَّ هَذَا العَمَلَ هُوَ سَبَبٌ لِهَذِهِ النَّتِيجَةِ، أَمَّا الحَدِيثُ الثَّانِي فَالبَاءُ فِيهِ هِيَ بَاءُ العِوَضِ، وَالتِي تُفِيدُ أَنَّ النَّتِيجَةَ مُقَابِلَةٌ وَمُسَاوِيَةٌ لِلسَّبَبِ، فَإِذَا قُلْتَ: بِعْتُكَ هَذَا الكِتَابَ بِدِرْهَمٍ؛ فَهَذِهِ لِلعِوَضِ، وَإِذَا قُلْتُ: أَكْرَمْتُكَ بِحُسْنِ خُلُقِي؛ فَهَذِهِ لِلسَّبَبِيَّةِ (٢)، فَالمَنْفِيُّ فِي الحَدِيثِ الثَّانِي هُوَ العِوَضُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ الجَنَّةِ لَيسَ فَضْلًا وَعَطَاءً مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ، وَعَلَيهِ فَلَا تَعَارُضَ بَينَ الحَدِيثَينِ (٣).
(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٤٦٣)، وَمُسْلِمٌ (٢٨١٦) عَنْ أَبي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.(٢) مِثَالُ بَاءِ السَّبَبِيَّةِ قَولُهُ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزُّخْرُف:٧٢].(٣) وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى فِي جَزَاءِ المُؤْمِنِينَ يَومَ القِيَامَةِ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} [النَّبَأ: ٣٦].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute