مِئَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَبِرِجْلَيكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَذكَّرَهُ نِعَمَ اللهِ عَلَيهِ، فَقَالَ يُونُسُ: أَرَى عِنْدَكَ مِئِينَ أُلُوفٍ؛ وَأَنْتَ تَشْكُوا الحَاجَةَ! (١)
وَرَوَى البَيهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ بَكْرٍ المُزَنِيِّ؛ قَالَ: " يَا ابْنَ آدَمَ، إنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ قَدْرَ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيكَ، فَغمِّضْ عَينَيكَ"، وَقَالَ بَعْضُهُم: " كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ للهِ فِي عِرْقٍ سَاكِنٍ" (٢).
فَهَذِهِ النِّعَمُ مِمَّا يُسْأَلُ الإِنْسَانُ عَنْ شُكْرِهَا يَومَ القِيَامَةِ، وَيُطَالَبُ بِهَا كَمَا
قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التَّكَاثُر: ٨]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -فِي قَولِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} - قَالَ: " النَّعِيمُ: صِحَّةُ الأَبْدَانِ وَالأَسْمَاعِ وَالأَبْصَارِ، يَسْأَلُ اللهُ العِبَادَ فِيمَا اسْتَعْمَلُوهَا -وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُم- وَهُوَ قَولُهُ تَعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإِسْرَاء: ٣٦] " (٣).
- قَولُهُ: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ»: السُّلَامَى هِيَ العَظْمُ أَوِ المِفْصَلُ، فَعَلَى كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ فِي كُلِّ يَومٍ، وَفِي رِوَايَةٍ «عَلَى كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ بَنِي آدَمَ صَدَقَةٌ» (٤).
- جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ السُّلَامَى ثَلَاثُمَائَةٍ وَسِتُّونَ مِفْصَلًا.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى
(١) سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (٦/ ٢٩٢).(٢) شُعَبُ الإِيمَانِ (٤١٥١).(٣) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ (٢٤/ ٥٨٢).(٤) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٩١٣٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٥٧٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute