قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَالصَّدَقَةُ تُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ فِعْلِ المَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ" (١)، وَدَلَّ لِذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ حُذَيفَةَ مَرْفُوعًا «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» (٢)، وَبَوَّبَ عَلَيهِ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ بِبَابِ (بَيَانُ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوعٍ مِنَ المَعْرُوفِ).
وَعَلَيهِ يُفْهَمُ مَعْنَى حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: (قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: {لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النِّسَاء: ١٠١] فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ! فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ؛ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» (٣).
قُلْتُ: فَصَارَ المَعْنَى هُنَا أَنَّ الصَّدَقَةَ هِيَ فَضْلُ اللهِ الوَاصِلُ مِنْهُ تَعَالَى إِلَى عِبَادِهِ.
- إِنَّ الصَّدَقَةَ بِمَعْنَاهَا العَامِّ -وَهُوَ إِيصَالُ الخَيرِ- نَوعَانِ:
١ - إِيصَالُ الخَيرِ لِلنَّفْسِ: وَأَشَارَ إِلَيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في ذِكْرِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ.
٢ - إِيصَالُ الخَيرِ إِلَى الغَيرِ: وَأَشَارَ إِلَيهِ في ذِكْرِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَرِ (٤).
(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٥٨).(٢) مُسْلِمٌ (١٠٠٥)، وَهُوَ عِنْدَ البُخَارِيِّ (٦٠٢١) مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.(٣) مُسْلِمٌ (٦٨٦).(٤) وَأَمَّا قَولُهُ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» فَيَشْمَلُ الاثْنَينَ مَعًا، حَيثُ يُرَادُ بِذَلِكَ إِحْصَانُ نَفْسِهِ وَزَوجِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute