خَاصَّةٍ لِهَذَا الذَّنْبِ، أَو أَنْ يَكُونَ العَمَلُ المُكَفِّرُ لِلذُّنُوبِ عَمَلًا مُمَيَّزًا دَلَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى عَظَمَةِ أَجْرِهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا يُكفِّرُ الكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ مَعًا؛ وَلَكِنْ بِشَرْطِ الإِتْيَانِ بِهَا بِكَمَالِهَا، وَفِي هَذِهِ الحَالَةِ يَكُونُ عَمَلُهُ مَقْرُونًا بِتَوبَةٍ تُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا سَلَفَ مِنَ الذُّنُوبِ (١)، كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ أَبِي اليَسَرِ؛ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا «مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ وَالثُّلُثَ وَالرُّبُعَ وَالخُمُسَ» حَتَّى بَلَغَ العُشُرَ (٢)، وَعَلَى هَذَا فَالصَّلَاةُ الكَامِلَةُ هِيَ الَّتِي تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ دُونَ مَا كَانَ فِيهَا تَقْصِيرٌ، وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) الَّتِي يَدْخُلُ صَاحِبُهَا بِهَا الجَّنَّةَ وَيَحْرُمُ مُطْلَقًا عَلَى النَّارِ؛ هِيَ الخَالِصَةُ المَقْرُونَةُ باِلتَّوبَةِ النَّصُوحِ.
قَالَ الشَّيخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَن آل الشَّيخِ رَحِمَهُ اللهُ -نَقْلًا عَنْ شَيخِ الإِسْلَام رَحِمَهُمَا اللهُ-: " فِإِنَّهُ إِذَا قَالَهَا [يَعْنِي كَلِمَةَ التَّوحِيدِ" بِإِخْلَاصٍ وَيَقِينٍ تَامٍّ؛ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الحَالِ مُصِرًّا عَلَى ذَنْبٍ أَصْلًا! فَإِنَّ كَمَالَ إِخْلَاصِهِ وَيَقِينِهِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ اللهُ أَحَبَّ إِلَيهِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ؛ فَإِذَن لَا يَبْقَى فِي قَلْبِهِ إِرَادَةٌ لِمَا حَرَّمَ اللهُ، وَلَا كَرَاهَةٌ لِمَا أَمَرَ اللهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ -وَإِنْ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ قَبْلَ ذَلِكَ-، فَإِنَّ هَذَا الإِيمَانَ وَهَذَا الإِخْلَاصَ وَهَذِهِ التَّوبَةَ وَهَذِهِ المَحَبَّةَ وَهَذَا اليَقِينَ لَا تَتْرُكُ لَهُ ذَنْبًا إِلَّا مُحِيَ عَنْهُ كَمَا يَمْحُو اللَّيلُ النَّهَارَ؛ فَإِذَا قَالَهَا عَلَى وَجْهِ الكَمَالِ
(١) اُنْظُرْ أَشْرِطَةَ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّورِ لِلْأَلْبَانِيِّ (ش: ٦٢٢).(٢) حَسَنٌ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى (٦١٦). وَهُوَ حَسَنٌ لِغَيرِهِ. صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٥٣٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute