فالجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار إذلالًا وصَغارًا، والمعنى: حتى يُعطوا الخراج عن رقابهم.
واختُلف في اشتقاقها، فقال القاضي في "الأحكام السلطانية"(١): اسمها مشتقٌّ من الجزاء، إما جزاءً على كفرهم لأخذها منهم صَغارًا، أو جزاءً على أماننا لهم لأخذِها منهم رفقًا.
قال صاحب "المغني"(٢): هي مشتقّةٌ من جزاه بمعنى قضاه، لقوله:{لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا}[البقرة: ٤٧]. فتكون الجزية مثل الفدية.
قال شيخنا: والأول أصح، وهذا يرجع إلى أنها عقوبةٌ أو أجرةٌ.
وأما قوله:{عَن يَدٍ}، فهو في موضع النصب على الحال، أي يعطوها أذِلَّاء مقهورين. هذا هو الصحيح في الآية.
وقالت طائفةٌ (٣): المعنى من يدٍ إلى يدٍ نقدًا غير نسيئةٍ.
وقالت فرقةٌ (٤): من يده إلى يد الآخذ، لا باعثًا بها ولا موكِّلًا في دفعها.
(١) (ص ١٥٣). وهو صادر عن "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص ٢٢١). (٢) (١٣/ ٢٠٢). (٣) منهم شريك وعثمان بن مقسم، انظر: "زاد المسير" (٣/ ٤٢٠)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢). (٤) روي ذلك عن ابن عباس، انظر "تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢)، و"تفسير القرطبي" (٨/ ١١٥)، و"الوسيط" للواحدي (٢/ ٤٨٩)، و"زاد المسير" (٣/ ٤٢٠).