لما سبق من كتابة الجلاء عليهم. فمن (١) وجدت منه المشاقَّة [من] غيرهم ممن لم يَكتب عليه الجلاء استحقَّ عذاب الدنيا الذي أخَّره عن أولئك. وهذا دليل عاشرٌ في المسألة.
فصل
الدليل الحادي عشر: قوله تعالى: {إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ فِي اِلدُّنْيا وَاَلْآخِرَةِ}[الأحزاب: ٥٧]. وهذه الأفعال أذًى لله ورسوله قطعًا، بل أذى الله ورسوله يحصل بدونها.
وقال تعالى:{أُوْلَئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اُللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اِللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}[النساء: ٥٢]، فيجب أن يكون هذا الملعون في الدنيا والآخرة عادم النصير بالكلية، فلو كان مالُه ودمُه معصومَين لوجب على المسلمين نصرته وكانوا كلُّهم أنصارَه. وهذا مخالفةٌ صريحةٌ لقوله:{فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}.
يوضحه الدليل الثاني عشر: وهو أن هذا مؤذٍ لله ورسوله، فتزول العصمة عن نفسه وماله لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ورسوله»(٢)، فندب إلى قتله بعد العهد، وعلَّل ذلك بكونه آذى الله ورسوله، وستأتي قصته إن شاء الله تعالى.
فصل
الدليل الثالث عشر: قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ
(١) في الأصل: «فمتى»، تصحيف. (٢) أخرجه البخاري (٢٥١٠) ومسلم (١٨٠١) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.