«وما يدريكِ أن الله أكرمه؟»، ثم قال:«أما هو فقد جاءه اليقين، وأنا أرجو له الخير، واللهِ ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل به»(١)، فأنكر عليها جزمَها وشهادتها على غيبٍ لا تعلمه، وأخبر عن نفسه - صلى الله عليه وسلم - أنه يرجو له الخير.
ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن كان أحدكم مادحًا أخاه فليقل: أحسب فلانًا ــ إن كان يرى أنه كذلك ــ ولا أزكي على الله أحدًا»(٢).
وقد يقال: إنَّ من ذلك قولَه في حديثٍ لسعد بن أبي وقاصٍ - رضي الله عنه - حين قال له: أعطيتَ فلانًا وتركتَ فلانًا وهو مؤمنٌ، فقال:«أَوْ مسلم»(٣)، فأنكر عليه الشهادة له بالإيمان لأنَّه غيبٌ، دون الإسلام، فإنَّه ظاهرٌ.
وإذا كان الأمر هكذا، فيُحمَل قوله لعائشة - رضي الله عنها -: «وما يدريك يا عائشة؟» على هذا المعنى، كأنَّه يقول لها: إذا خلق الله للجنة أهلًا وخلق للنار أهلًا، فما يدريكِ أنَّ ذلك الصبي من هؤلاء أو من هؤلاء؟
وقد يقال: إنَّ أطفال المؤمنين (٤) إنَّما حُكِم لهم بالجنة تبعًا لآبائهم لا بطريق الاستقلال، فإذا لم يُقطع للمتبوع بالجنة كيف يقطع لتَبَعه بها؟
(١) أخرجه البخاري (١٢٤٣) من حديث أم العلاء - رضي الله عنها -. (٢) أخرجه البخاري (٢٦٦٢، ٦١٦٢) ومسلم (٣٠٠٠) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -. (٣) أخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (٢٩٤١ - دار الكتب العلمية) عن معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه - رضي الله عنه -، ومن طريق عبد الرزاق كلٌّ من أحمد (١٥٢٢) وأبو داود (٤٦٨٣) وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (٥٦٠) والنسائي (٤٩٩٢) وابن حبان (١٦٣). (٤) في هامش الأصل: «المسلمين».