أخليفةَ الرحمن إنَّا معشرٌ ... حنفاءُ نسجد بكرةً وأصيلا
عرب نرى للهِ في أموالنا ... حقَّ الزكاة منزَّلًا تنزيلا
قال: فوصف الحنيفية بالإسلام، وهو أمرٌ واضحٌ لا خفاء به.
قال (١): ومما احتج به مَن ذهب إلى أنَّ الفطرة في هذا الحديث: الإسلام قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خمسٌ من الفطرة»(٢) ــ ويُروى: «عشرٌ من الفطرة»(٣) ــ يعني: فطرة الإسلام. انتهى.
قال شيخنا (٤): فالأدلة الدالة على أنَّه أراد فطرة الإسلام كثيرةٌ، كألفاظ الحديث الصحيح المتقدمة، كقوله:«على الملة»، و «على هذه الملة»، وقوله:«خلقت عبادي حنفاء»، وفي الرواية الأخرى:«حنفاء مسلمين»(٥)، ومثل تفسير أبي هريرة وهو أعلم بما سمع.
ولو لم يكن المراد بالفطرة الإسلام لما سألوا عقيب ذلك:«أرأيت من يموت من أطفال المشركين وهو صغيرٌ؟»(٦)، لأنَّه لو لم يكن هناك ما يغيِّر
(١) «التمهيد» (١٨/ ٧٦). (٢) أخرجه البخاري (٥٨٨٩) ومسلم (٢٥٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٣) أخرجه مسلم (٢٦١) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وقد أنكره أحمد، أعلَّه والنسائي والدارقطني بالإرسال. انظر: «الضعفاء» للعقيلي (٦/ ٢٧)، و «الكبري» للنسائي (٩٢٤١ - ٩٢٤٣) و «العلل» للدارقطني (٣٤٤٣) و «البدر المنير» (٢/ ٩٨). (٤) في «درء التعارض» (٨/ ٣٧١). (٥) سبق تخريج هذه الروايات. (٦) سبق تخريجه.