والذين يملِّكونه بالإحياء اختلفوا فيما أحياه، هل يلزمه عنه خراجٌ أو عشر، أو لا يلزمه شيء من ذلك؟
فقال صاحب "المحرر"(٢): والذمي كالمسلم في الملك بالإحياء، نص عليه، لكن إن أحيا مواتَ عنوةٍ لزمه عنه الخراج، وإن أحيا غيره فلا شيء عليه فيه. ونقل عنه حربٌ: عليه عشْرُ ثمرِه وزرعه.
والمقصود أنا إن قلنا: لا يملك الذمي بالإحياء بطل الاستدلال به، وإن قلنا: يملك به فالفرق بينه وبين تملكه بالشفعة من وجوهٍ ثلاثةٍ:
أحدها: أنه بالإحياء لا ينتزع ملك مسلم منه، بل يُحيي مواتًا لا حقَّ فيه لأحدٍ ينتفع به، فهو كتملُّك المباحات من الحطب والحشيش والمعادن وغيرها.
الثاني: أنه ليس في إحيائه ضررٌ على المسلم ولا قهرٌ وإذلالٌ له، بخلاف تسليطه على إخراجه من داره وأرضه، واستيلائه هو عليها.
الثالث: أنه بالإحياء عامرٌ للأرض الموات، وفي ذلك نفعٌ له وللإسلام، بخلاف قهره للمسلم وأخذ أرضه وداره منه، وإخراجه منها، فقياس الأخذ بالشفعة على الإحياء قياس باطلٌ.