الوجه الخامس: أن ابن أبي أويسٍ قال: حدثني إبراهيم بن جعفرٍ الحارثي (١)، عن أبيه، عن جابرٍ قال: لمَّا (٢) كان من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبني قريظة ــ كذا فيه، قال شيخنا (٣): وأحسبه (٤): وبني قينقاع ــ ما كان، اعتزل (٥) ابن الأشرف ولحق بمكة، وكان فيها، وقال: لا أُعِين عليه ولا أقاتله، فقيل له بمكة: ديننا خيرٌ أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خيرٌ وأقدمُ من دين محمد، ودين محمد حديث (٦).
فهذا دليل على أنه لم يظهر محاربة.
الوجه السادس: أن جميع ما أتاه ابن الأشرف إنما هو أذًى باللسان، فإنَّ رثاءه لقتلى المشركين، وتحضيضه على قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسبَّه وطعنَه في دين الإسلام، وتفضيلَه دين الكفار عليه= كلُّه قولٌ (٧) باللسان ولم يعمل عملًا فيه محاربةٌ.
ومن نازعنا في سب النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحوه فهو فيما فعل كعب بن الأشرف
(١) في الأصل: «الحارث»، وعليه علامة استشكال بالحمرة. (٢) في الأصل تقدَّمت «لمَّا» على «قال»، والتصحيح من «الصارم». (٣) في «الصارم المسلول» (١/ ١٦٩). (٤) تصحَّف في الأصل إلى: «». (٥) في الأصل: «اعدل»، تصحيف. (٦) أخرجه الخطابي في «معالم السنن» (٤/ ٨٣) مختصرًا، والبيهقي في «دلائل النبوة» (٣/ ١٩٤)، وقد سبق تمام حديث جابر هذا (ص ... ). (٧) في الأصل: «قولا»، تصحيف.