للأصحاب فيه منعًا، ولعلَّهم نظروا إلى الجنس، ومن الكلام الشائع: ركوب الحمار ذُلٌّ وركوب الخيل عِزٌّ. انتهى.
وقد قال الشافعي (١): ولا يركبوا أصلًا فرسًا، وإنما يركبون البغال والحمير.
قال أصحابه: فيُمنع أهل الذمة من ركوب الفرس، لأن في ركوبها الفضيلة العظيمة والعِزَّ، وهي مراكب المجاهدين في سبيل الله الذين يَحمُون حَوزَة الإسلام ويَذُبُّون عن دين الله.
قال تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اَسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ اِلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اَللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: ٦١]، فجعل رِبَاط الخيل لأجل إرهاب الكفار، فلا يجوز أن يمكَّنوا من ركوبها، لأن فيه إرهابَ المسلمين.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخَيلُ معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجرُ والمَغْنَم»(٢). وأهل الجهاد هم أهل الخيل والخير لاستعمالهم الخيل في الجهاد، فهم أحقُّ بركوب ما عُقِد الخيرُ بنواصيها من المراكب.
وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ الخيل كانت وحشًا في البراري وأوَّلُ مَن أنَّسها وركبها إسماعيل بن إبراهيم (٣)، فهي من مراكب بني إسماعيل، وبها أقاموا دين الحنيفية، وعليها قاتل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أعداء الله،
(١) لم أجده. (٢) أخرجه البخاري (٢٨٥٢) ومسلم (١٨٧٣) من حديث عروة البارقي. (٣) أخرجه أبو حاتم في «الزهد» (٩٩).