العمل"، ولم يذكر الواحديُّ ولا ابنُ الجوزي (١) غير هذا القول.
وعلى هذا فتكون هذه الآيات نظير قوله تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ﴾ [النساء: ١٣٣]، فيكون استدلالُهُ (٢) بقدرته على إذهابهم، والإتيان بأمثالهم = على إتيانه بهم أنفسِهم إذا ماتوا.
ثُمَّ استدلَّ - سبحانه - بالنَّشْأَة الأُولَى، فذكَّرَهُم بها فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)﴾ [الواقعة: ٦٢]، فَنَبَّهَهُم بما عَلِمُوه وعاينُوهُ على صدق ما أَخْبَرَتْهُم به رُسُلُه من النَّشْأَة الثانية.
والذي عندي في معنى هاتين الآيتين - وهما آية "الواقعة" و"الإنسان" -؛ أنَّ المراد بتبديل أمثالهم: الخَلْقُ الجديدُ والنَّشْأَةُ الآخرة التي وُعِدُوا بها (٣).
وقد وُفِّقَ الزمخشريُّ لفهم هذا من "سورة الإنسان"، فقال: "وبدَّلْنا أمثالهم في شِدَّة الأَسْرِ، يعني: النَّشْأَة الأُخْرَى"، ثُمَّ قال: "وقيل: بدَّلْنا غيرَهُم ممَّن يُطِيع، وحقه أن يأتي بـ "إنْ" لا بـ "إذا"، كقوله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ " (٤).
= وجوه القراءات"، وغيرهما، توفي سنة (٤٤٠ هـ) وقيل غير ذلك، ﵀. انظر: "الوافي بالوفيات" (٧/ ٢٥٧)، و"طبقات المفسرين" (١/ ٥٦). (١) انظر: "الوسيط" (٤/ ٤٠٦)، و"زاد المسير" (٨/ ١٥١). (٢) في (ح) و (م): استدلالًا. (٣) في (ز) و (ن) و (ك): به. (٤) "الكشاف" (٤/ ٦٧٦).