ورواه ابن حِبَّان في "المجروحين"(١/ ١٩٥ - ١٩٦) -في ترجمة (بَكْر بن المُخْتَار بن فُلْفُل) -، من طريق إبراهيم بن سليمان الزَّيَّات، عنه، عن أبيه، عن أنس، به. وقال في (بكر) هذا: "منكر الحديث جدًّا، يروي عن أبيه ما لا يشك من الحديث صناعته أنَّه معمول، لا تحلُّ الرواية عنه إلَّا على سبيل الإعتبار". ولفظ آخر الحديث عنده:"وأخبره أنَّه سيبلغ منه دم مهراق، ومُرْهُ عند ذلك بالصَّبْرِ".
وفي حاشية محقق "المطالب العالية"(٤/ ١٩) نقلًا عن ابن حَجَر في النسخة المسندة من "المطالب": "هذا حديث موضوع، قد أخرجه ابن أبي خَيْثَمَة في "تاريخه" من طريق عبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر، وأخرجه البزَّار من طريق بَكْر بن المُخْتَار. وبكر وعبد الأعلى (١): ذَاهِبَانِ وَاهِيَانِ. و (الصَّقْرُ) أوهى منهما، ولعله تحمله عن بكر وعبد الأعلى فجعله عن عبد اللَّه بن إدريس ليروج، فلو كان هذا وقع، ما قال أبو بكر للأنصار: قد رضيت لكم أحد الرجلين: عمر أو أبو عبيدة، ولا جُعِلَ الأَمْرُ شوري في ستة (٢) ".
وقد ساق ابن أبي حاتم في "العلل"(٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧) الحديث من طريق إسحاق بن سليمان، عن عبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر، عن المُخْتَار بن فُلْفُل، عن أنس، به. ونقل عن أبيه قوله:"عبد الأعلى: ضعيف شِبْهُ المتروك. وهذا الحديث باطل. كتبت بالبصرة هذا الحديث عن شيخ يسمَّى خالد بن يزيد السَّابَرِيّ عن عبد الأعلى نفسه ولم أحدِّث به".
وقال ابن عدي في "الكامل"(٤/ ١٤١٢): "كان أبو يعلى بنسبه -يعني
(١) أقول: (عبد الأعلى بن أبي المُسَاوِر الزُّهْرِيّ الجَرَّار) متروك، وكذَّبه ابن مَعِين. وقد سبقت ترجمته في حديث (١٢١١). (٢) أقول: ذَكَرَ الحافظُ نحو ذلك في "اللسان" (٣/ ١٩٣ - ١٩٤). وما قاله رحمه اللَّه يؤكد اعتناء أئمتنا بالنقد الداخلي للمتن، لا كما يقول بعض المستشرقين ومن ذهب مذهبهم من حصرهم لعنايتهم بنقد السند، وهو ما يسمونه بالنقد الخارجي.